إن القارئ للمسرحيات النثرية لـ"علي أحمد باكثير" يجدها مليئة بوسائل الإقناع المختلفة، فائضة بألوان البيان، مما يجعلها عظيمة الأثر في النفوس رغم اختلاف الأحداث الزمنية والماجريات الواقعية وتغير المعطيات العصرية، والدليل على ذلك كثرة الدراسات التي تجعل من الدراسات المعاصرة وسيلة نسافر بها عبر الأزمان؛ لفَهم ودراسة جميع النصوص القديمة بألونها الأدبية المختلفة. ومن أبرز تلك الاستراتيجيات الّتي اتُّخذتْ وسيلة لقراءة وفَهم قديم النصوص "نظرية الاستراتيجيات الخطابية المعاصرة" التي تَوجّه إليها البحث الأدبي في الآونة الأخيرة، حيث عُدَّ الفكر الإنساني المُتجسد في الخطاب الشفوي أو الكتابي مسرحًا تلتقي فيه الكثير مِن المعارف الإنسانية والفكر الإنساني الذي قد يتشابه بين الناس وقد يختلف.. وتلك الأفكار يستخدمها الإنسان بُغية تحقيق أسمى أهداف الإنسانية وهو "التواصل"، وليس أيّ تواصل، بل تواصل ناجح مثمر ينتج عنه ثراء فكريّ معرفيّ وتبادل معلوماتيّ. أمَّا إذا حصرنا الكلام حول الإقناع المقصود فإنَّ لهذا الميدان أساليب شتّى ومتنوعة، يستخدمها الإنسان بُغية التأثير في المتلّقي، كالأساليب اللغوية والبلاغية والمغالطة اللفظية وغيرها، ولا يَخفى ما للتجارب الخاصة مِن أثر في تغيير المواقف، فيستخدم المحاوِر الأساليب المختلفة للدفاع عن فكرة معينة، أو الإقناع بها بهدف اعتناقها والعمل بها.