يتناول هذا البحث العلاقات التجارية بين جنوه وقُبرص في الفترة ما بين عامي 1218م و1232م, وعلى الرغم من وجود بعض الدراسات التي اهتمت بدراسة التاريخ السياسي لجنوه وقُبرص , غير أنها لم تهتم بالجانب الحضاري, وبخاصة الجانب التجاري، إلا في شذرات قليلة. ومن هذا المنطلق وقع اختياري على العلاقات التجارية لتكون هدفًا لهذا البحث.
في الواقع كانت جنوه من بين المُدن الإيطالية التجارية التي قد لعبت دورًا كبيرًا في سير الحملات الصليبية إلى الشرق الإسلامي وقدمت مُساعدات جليلة في خدمة الجيش الصليبي( ). وكانت هذه المدينة وتجارها من الأوروبيين من وقت لآخر يحاولون قدر الإمكان المحافظة على الكيان الصليبي في الشام من خلال تأسيس كيانات صليبية مُستقرة وقوية للحفاظ على مصالحها التجارية، وهذا ما نجده في جنوه التي قدمت مساعدة للقوات الصليبية في الحملة الصليبية الأولى
وعلى الرغم من أن جنوا دخلت إلى عالم التجارة في القرن الحادي عشر الميلادي, عن طريق المُشاركة التجارية البسيطة في أقرب الأسواق إليها, مثل: أسواق كورسيكا, وسردينيا, وبروفانس, غير أنها استطاعت إنجاز مشروع تجاري عملاق, من أهم مظاهره بروز الدور التجاري الجنوي في ميدان التجارة بين الشرق والغرب في العصور الوسطى, وأيضًا تأسيس أسواق تجارية لها على سواحل مدن بلاد الشام, وذلك بفضل مبادرتها إلى حماية المشروع الصليبي ورعايته عن طريق تقديم المساعدة المادية والعسكرية للحملة الصليبية الأولى