يرمي هذا البحث إلى النظر في واحدة من الطرائق الفريدة في طرح المواقف النقدية لدى واحد من الكتّاب الأندلسيين النابهين، جمع في شخصيته الأدبية بين الشعر والكتابة النثرية والنقد، مما تجلّى في ثني رسالته الموسومة بـ"التوابع والزوابع" التي عمل عبرها على إبراز شخصيته الأدبية الشاملة، وإثبات تفوقه على معاصريه ومنافسيه من الأدباء- شعرائهم وناثريهم- بأسلوب يجمع بين الجد والهزل والفكاهة والسخرية والتخييل.فصوّر رحلة خيالية التقى فيها توابع الشعراء والكتاب العرب القدامى، وأجرى بينهم حوارات ومناظرات، كشفت منازلهم الأدبية، وفي الوقت نفسه التمس فيها التقدير الذي افتقده بين معاصريه، في دنيا الخيال أو عالم الجن. وبرز فيها شاعرا وكاتبا ً فذا ً يفوقهم، وناقدا ً يحذو حذو النقاد المشارقة بما قدّمه من وقفات وآراء، عالج فيها جملة من القضايا النقدية التي كانت مدار بحث وجدل في المشرق العربي، كقضايا اللفظ والمعنى، والقديم والمحدث، المعارضات الشعرية، والسرقات الشعرية، الموهبة والإلهام، والنظم والنثر، والموازنة ؛فشكّلت رسالته إسهاما ً في مجال النقد الأندلسي يواكب في طبيعته وسماته ما كان عليه النقد في المشرق العربي.