لقد ورثنا أسلافنا تراثًا عظيمًا ، نهض بتفسير ظواهر اللغة طيلة القرون الماضية ، ودراسة علم الصرف هي الخطوة الأولى في إتقان العربية ، ومعرفة صياغها، وفهم معانيها ، وذلک لأن علم الصرف يهتم باللبنة الأولى من لبنات صرح العربية الراسخ ، فهو يتناول الکلمة المفردة في وزنها وترکيبها وصيغتها وأصول حروفها وما طرأ عليها من تغييير .. هذا التغيير يعد أحد جوانب عبقرية اللغة العربية بوصفه وسيلة تهدف إلى تيسير جريها على لسان ناطقها ، وذلک ضمن نظم صوتية منطقية فطرية ثابتىة ، إذا عرفها المتعلم فستفضي به إلى ميدان باهر من فهم أوضاع العربية ومعاني صياغها . يقول ابن عصفور الإشبيلي (669 هـ ): "وقد کان ينبغي أن يقدم علم التصريف على غيره من علوم العربية ؛ إذ هو معرفة ذوات الکلم في أنفسها من غير ترکيب ، ومعرفة الشيء في نفسه قبل أن يترکب ، ينبغي أن تکون مقدمة على معرفة أحواله بعد الترکيب ، إلا أنه أخر للطفه ودقته ، فجعل ما قدم عليه من ذکر العوامل توطئة ، حتى لا يصل إليه الطالب ، إلا وهو قد تدرب وارتاض للقياس". وقد شغل البحث الصرفي اللغويين قديما وحديثا ؛ لأنه لا يمکن الفصل بينه وبين علوم العربية الأخرى فکان للبحث الصرفي دور في التفسير وتوضيح المعاني ، وقد سخر الإمام البغوي في تفسيره ( معالم التنزيل ) الصرف في سبيل الوصول إلى مبتغاه من توضيح معاني الذکر الحکيم بصورة جلية ، وقد اخترت تفسير البغوي ليکون مجالا لدراستي الصرفية هذه.