محمد بن يسير الرِّياشي شاعر بصري, له شعر كثير جيد, إن ملازمة ابن يسير للبصرة جعلت منه شاعرًا وأديبًا, وكان شاعرًا ظريفًا يختار من الألفاظ أسهلها وأعذبها, فصدق المشاعر وعفوية الأحاسيس تظهر في أبياته, مبتعدًا عن التعقيد أو التصنع، ويعد فن الرثاء من فنون الشعر العربي, وقد وُجِد هذا الفن منذ العصر الجاهلي, ويكون برسم المُثل العليا لمن يُرثَى, وفيه يعبر الشاعر عن خلجات قلب حزين وعاطفة صادقة. والرثاء فن له أصوله ومصادره وألفاظه, إذ يوظف الشاعر كلماته في ذكر محاسن من يرثيه, وقد شارك محمد بن يسير الرِّياشي بشعره في غرض الرثاء, فيرثي الأخلاق التي انخلع عنها صاحبها, وتناول ألواحه بالرثاء عندما فقدها, وشارك في رثاء الأصدقاء, ورثى نفسه مقدِمًا النصح والتوجيه إلى النافع من القول والعمل, ومن التجديد لديه في فن الرثاء تعرضه لرثاء القصر الخرب, وهذا من مظاهر التجديد التي لجأ إليها الرِّياشي في أشعاره.ويقدم الرِّياشي النصائح والعظات فيخاطب العقول الرشيدة, بذكر الموت واستحضاره مشيرًا إلى حقائق يعرفها العامة ولكن ربما يغفل عنها الإنسان للحظات, إن شاعرية محمد بن يسير الرياشي مليئة بالروح الإنسانية, فمعاني الرثاء مضمنة بصدق هذه الكلمات. والرثاء عنده مصحوب بصدق العاطفة وسهولة الألفاظ والبعد عن التقعر, مع اختفاء المقدمة؛ فالشاعر يحمل شحنات مكثفة من الحزن والأسى يريد أن يفرغها في دفقات شعورية سريعة ومتلاحقة ومشحونة بالانفعال.