الانزياح ظاهرة أسلوبية حديثة، يحقق للنص أدبيته وتأثيره في المتلقي، وذلك لأنه يتيح للمبدع الخروج عن المألوف المتبع عند السابقين، ولكن في حدود ما تسمح به اللغة، على الرغم من كون الانزياح مصطلح حديث، إلا أن جذوره موجودة عند النقاد العرب القدامى، ولكن بمسميات مختلفة (كالعدول، الانحراف، الالتفات، التجاوز،......)،اهتم هذا البحث بتسليط الضوء على ظاهرة الانزياح في شعر أبي تمام، وذلك من وجهة نظر ناقدين كبيرين هما: ابن المعتز وأبي بكر الصولي، وقد اتبعت الباحثة المنهج التحليلي المقارن لإبراز جمالية شعر أبي تمام ، يتجلى للقارئ في هذا البحث تنوع الانزياح في شعر أبي تمام ما بين الدلالي والتركيبي، حيث اشتهر أبو تمام ببديعه ومخالفته المألوف في التصوير الشعري، وذلك من خلال خروجه عن دلالات الألفاظ ومعانيها، وإبداعه في استخدام الصور البلاغية من (الاستعارة، الكناية، التشبيه، المجاز،.......)، وهنا ظهر انزياحه الدلالي، كما استطاع أبو تمام التعامل مع اللغة بطريقة مرنة، كاسرًا من خلالها المألوف في التعبير، مستخدمًا أساليبًا لم تكن شائعة من قبل (كالتقديم والتأخير، الفصل والوصل، الحذف، الاعتراض،.....)، خارجًا على قواعد المعجم والنحو، وهنا ظهر انزياحه التركيبي، وبذلك استطاع أبو تمام بانزياحاته الشعرية أن يحقق للنص أدبيته، ويكسر اللغة المعيارية، ويخلق صورًا بديعية جديدة، تجذب انتباه المتلقي وتؤثر فيه، مضيفًا قيمة جمالية للعمل الأدبي.