تعد المقاصد من العوامل المؤثرة في الاستعمال اللغوي على مستوى التأويل, وكذلك توجيه الكاتب إلى انتقاء الطرق التي تتكفل بانتقال مقاصده، وتهدف هذه الدراسة إلى تناول معايير النصية المعاصرة وتطبيقاتها في كتب التراث العربي القديم في مجال اللسانيات النصية, من خلال البحث عن المقاصد لدى سهل بن هارون في كتابه النمر والثعلب، وفق منهج علم اللغة النصي ، للوقوف على المقاصد المباشرة وغير المباشرة المتضمنة داخل النص الذي جاء على ألسنة الحيوان؛ انعكاسًا لحياة سهل في العصر العباسي الأوّل, حيث نشأ سهل وعاصر أحداثه ومتغيراته، فقد توارت المقاصد خلف التلميح، وهو ما يتطلب قراءة خاصة لفك شفراتها، وفهم ما بين سطورها, وتجاوز القراءة السطحية إلى مستوى أعمق وأشمل؛ حتى يتسنى للمتلقي إدراك مقاصد النص الخفية، ولكي نستطيع الكشف عن هذه المقاصد لا بد من الرجوع إلى زمن تأليف الكتاب وهو العصر العباسي الأول. وتسهم القصدية في خلق علاقة ديناميكية بين العناصر اللغوية، وغير اللغوية من خلال وظيفتها في إنتاج مجال دلالي يربط النص بمنتجه وقارئه، ويعمل على تجسيد التفاعل بين أقطاب العملية التواصلية، التي بدورها تفيد في توجيه المتلقي إلى فهم النص، وبلوغ مراميه ، لقد استخدم سهل مجموعة من الأقوال الخفية التي أحيلت لمقاصد داخل النص لتقييم سلوك الحكام، والوقوف على القيم الاجتماعية المحمودة التي تهدف إلى مكارم الأخلاق، انتهاءً بإبراز دور العقل السليم ودوره في تهذيب النفس. ويسعى البحث إلى الدراسة التطبيقية التي تكشف عن مكنون الشخصيات المقنعة بالرمز وطبيعتها الاستعارية التي وظفت داخل الحكاية، حيث فرض السياق السياسي على سهل بن هارون أن يبني كتابه ظاهريًا على قصد الإمتاع والتسلية، بينما هو في جوهره يستخدم التلميح عن طريق أقنعة الحيوانات بهدف نقد السلطة والحكم.