تتعدد الصور التي يتقاطع من خلالها فن الرواية مع التاريخ الإنساني، حيث يعدّ التاريخ مرجعا أساسيا في بناء العمل الأدبي وإثراء دلالاته. وفي سياق البحث والتقصّي أصبح من الصعب حصر الأعمال الروائية التي تقوم على المفهوم النظري للرواية التاريخية بالمفهوم الكلاسيكي لها، والأمر ذاته بالنسبة للأعمال التي تعتمد على التخييل بالتاريخي. وفي بعض الأحيان يتداخل التاريخي بالسير-ذاتي، فلا يمكن الفصل بينهما في سياق العمل الأدبي. وفي هذا وذاك، يُبنى العمل الروائي في جوهره على "إعادة تصوير" هذا التاريخ (المفهوم لبول ريكور) لا اجتراره فحسب، بحيث ينظر الدارس إلى الزمان عندما يعاد تصويره من خلال آليات السرد، فلا يتحوّل الحكمُ عليه إلى حكم على مصداقية المصدر التاريخي، بقدر ما يكون الحكم على الرؤية التي يقدمها السرد ومكوناته، وفي هذا السياق نفسه يقدم الأديب العماني ماجد شيخان روايته (عماني في جيش موسوليني، 2020) لتلفت النظر إلى مبناها التاريخي بهذا العنوان المثير، بينما –في حقيقة الأمر- يتقاطع فيها التاريخي مع السير-ذاتي تقاطعا يسترعي النظر. وقد أشار إلى هذا النوع من التداخل (جورج لوكاش) في كتابه "الرواية التاريخية". ومن هنا تقاطعت المرجعيات التاريخية الزمانية في بعض الأماكن (عُمان، والصومال) واغتصاب المحتلين الأرضَ والعرضَ في أفريقيا السوداء، مع السيرة الذاتية لبطل العمل الروائي (خَلفَ) بشكل دعانا إلى الوقوف عند البحث عن مؤولات لهذه المزاوجات التاريخية السير-ذاتية، والكيفية التي من خلالها أعاد العمل الروائي تصويرها من خلالها. ولذلك، فإن البحث قد امتد إلى بعض المرجعيات النظرية في الرواية التاريخية، وبول ريكور ونظريته في (الزمان والسرد)، والبحث في السيرة الذاتية.