ارتقى الدعاء فى مصر فى العصر المملوکى لمرتبة الظاهرة ، کونه انعکس فى النصوص التاريخية التى أرخت لکافة جوانب الحياة فى ذلک العصر سواء على المستوى السياسى والاجتماعى والثقافى والدينى ، فظهر جليًا في کافة جوانب الطقوس والحياة والمراسم
أما عن الإشکالية الأبرز هى إرتباط الدعاء بما يمکن تسميته بنية الاستبداد فى العصر المملوکى ، کان بعض السلاطين المماليک يخافون من قوة الدعاء واستجابته بل وعملوا على استجلاب الأدعية الصالحة خوفًا من دعاء الفقراء ، فضلاً عن ذلک فقد کان الدعاء أحدأسلحة العوام الخفية ، فهو صرخة العوام المکلومة إلى السماء ، صرخة استغاثوا فيها من الضرائب والظلم وشظف العيش فتذمروا واشتکوا من صاحب السلطة الدنيا إلى صاحب السلطة العليا من أوجاع معيشتهم ، فدعوا على السلطان وکبار رجال السلطة وخصوصاً إذا اقتربت هذه الأوجاع من قطع الأرزاق ، وثقل الضرائب وسوء السياسات وهدم المساکن والدور والاضطرابات الأمنية ،
ولأن الشخصية الشعبية هى شخصية متناقضة بامتياز فکما دعت على السلطان دعت له ، وکما دعت على رجال السلطة دعت لهم ، هذه البساطة فى تحول المشاعر تعود لبساطتهم فى الحياة ، فما إن تزول أسباب حنقهم تعود مشاعرهم مرة أخرى صالحة لحب السلطان ، کما رافق الدعاء أيضاً الغلاء ، إما برفع هذا الغلاء أو الدعاء على من تسبب فيه ، ومن الأمور المأساوية أن الغلاء کان يُشعر البعض بالعجز فيدعو على نفسه بالموت أو على أولاده حين ييأس ويغلب عليه الأمر من قلة الأموال وکثرة النفقات .
کانت الکوارث الطبيعية إحدى أهم المناسبات التى رافقت الدعاء فى مصر والشام فى العصر المملوکى