Subjects
-Tags
-Abstract
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد،،،
فمن حسن الطالع في هذه المقدمة أن أؤكد نعمة الله تعالى على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، والتي تتجلى في هذه المؤسسات الدينية العريقة، التي تسعى بكل ما تستطيع من أدوات معرفية وتكنولوجية إلى نشر صحيح الدين، وبيان مضامينه المعتدلة بعيدًا عن تحريف المغالين وتأويل المبطلين، مما أسهم بشكل واضح في تعزيز وترسيخ الاستقرار المجتمعي، والحد من الظواهر السلبية، والقضاء على التطرف الفكري بكافة أشكاله ومضامينه.
وتعد "دار الإفتاء المصرية" أنموذجًا رائدًا للمؤسسة الدينية الوطنية التي اضطلعت بدور محوري وكبير في تعزيز القيم الدينية والمبادئ الأخلاقية الرشيدة بين أفراد المجتمع، وذلك من خلال فتاواها الدينية الرشيدة التي تناقش القضايا الدينية المستجدة، وتقدم فيها الآراء الدينية التي تتناسب والواقع المجتمعي بما لا يخالف الثوابت الدينية المستقرة، وبما يحقق مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها.
وتعتبر "مجلة دار الإفتاء المصرية" إحدى أهم الأدوات الرئيسة التي تعتمد عليها في نشر صحيح الدين، وتجديد الفكر الإسلامي، وتعزيز الوسطية والاعتدال، والدفاع عن الإسلام، والرد على الشبهات التي يثيرها المتربصون بالدعوة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها، وذلك من خلال بحوثها العلمية الجادة والمحكمة.
ونحن في هذه المجلة نحرص على اختيار البحوث التي تتناول مضامين جادة ومتميزة لها هدف نبيل ورسالة خالدة؛ لذا ستجد – أيها القارئ الكريم – في هذه البحوث حلولًا لكثير من الإشكاليات العلمية، ومعالجة لكثير من المعضلات الفقهية والأصولية، وروئً تجديدية وإصلاحية لكثير من المشكلات المجتمعية.
وحاجتنا إلى هذه المعالجات أصحبت ماسة في الواقع المعاصر الذي نشهد فيه كثيرًا من الظواهر السلبية والإشكاليات الإفتائية التي تجرأت عليها الأيدولوجيات المتطرفة والمنحرفة، فنجد على سبيل المثال ما يلي:
أولًا: كثرة الفتاوى الشاذة التي تتناول أمورًا فكرية أو مسائل فقهية، وتصدر عن جماعات متطرفة وأفراد منحرفين لم يتلقوا العلوم الشرعية من منابعها الأصيلة والمعتدلة، ولم يتعلموا كيفية التعامل مع النصوص القرآنية والنبوية والأدلة العقلية، وتكمن مخاطر هذه الفتاوى في كونها قد تعتمد بعض الآراء أو التأويلات الشاذة لتصل بها إلى أن تبيح حرامًا أو تحرم حلالًا أو تفتري على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بالكذب والبهتان، ويمكن أن تتجاوز هذه الأمور النظرية إلى استباحة الدماء، وزعزعة الاستقرار المجتمعي وغير ذلك.
ثانيًا: كثرة الشبهات التي يثيرها المتربصون حول الإسلام في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي غدت وسيلة أساسية ورئيسة في الترويج لهذه الشبهات، ومحاولة تعزيزها بين أفراد المجتمع، لذا نجد صفحات كثيرة ومواقع متعددة ومنصات إلكترونية متنوعة ومتزايدة تملكها وتروج لها جماعات منحرفة ومتطرفة، ويتخذونها سبيلًا لاستقطاب الشباب نحو أفكارهم المعوجة.
ثالثًا: كثرة الشائعات المغرضة التي تؤثر بالسلب على أمن المجتمع واستقراره، ومخاطر هذه الشائعات لا يمكن حدها أو حصرها في هذا المقام، لكن يكفينا أن نذكر أنها تنخر في أركان المجتمع نخرًا شديدًا حتى يتصدع بنيانه وينهار بشكل متسارع وفق ما يخطط له مروجو هذه الشائعات، ولولا اليقظة الشديدة التي يتمتع بها أفراد المجتمع لكانوا وقعوا في شباك هذه الشائعات بشكل كبير.
لذا ومن أجل ما سبق كان لزامًا علينا جميعًا أن نضطلع بمسؤولياتنا أفرادًا ومؤسسات نحو نشر صحيح الدين، وتعزيز القيم المجتمعية الثابتة، ونشر الوعي الديني والمجتمعي بين أفراد هذا المجتمع حتى ينعم بالأمن والاستقرار.
والعدد الذي بين أيدينا يتناول ثلاثة موضوعات علمية جادة تأتي في هذا المسار الذي تكلمنا عنه، وهي على النحو الآتي:
البحث الأول: حديث فاطمة بنت قيس-رضي الله عنها- في المبتوتة بين القبول والرد دراسة أصولية.
ويتناول: التعريف بفاطمة بنت قيس، وبيان منزلتها بين الصحابة، وتخريج حديثها وأثر سيدنا عمر، والمسائل الأصولية المتعلقة بالحديث، والمطاعن التي طُعن بها عليه والجواب عنها، وبيان معنى الكذب الوارد في الأثر، ونماذج من استدلال العلماء بأحاديث فاطمة بنت قيس، ثم النتائج المترتبة على ذلك.
البحث الثاني: دور الهندسة المالية الإسلامية في تنشيط الاقتصاد الإسلامي، وحل مشكلاته المالية - دراسة فقهية مقارنة.
ويتناول: التعريف بالهندسة المالية الإسلامية، وأهميتها، وأهدافها، وما يمكن أن تقدمه الهندسة المالية الإسلامية من خلال أدواتها ومنتجاتها المبتكرة في تنشيط الاقتصاد الإسلامي، ثم بعد ذلك الخاتمة، وتتضمن أهم نتائج البحث.
البحث الثالث: مذهب الإمام أبي حنيفة في بول الإبل والتداوي به دراسة فقهية مقارنة.
وتناول فيه: حكم بول الإبل والتداوي به عند الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- مقارنة مع المذاهب الأخرى، وتحذير المتخصصين في مجال الطب والأدوية، ومنظمة الصحة العالمية من التداوي ببول الإبل الآن؛ لإحداثه أضرارًا خطيرة على الناس، وهذا ما يوافق مذهب الإمام أبي حنيفة -رحمه الله-.
ومن خلال النظرة المبدئية في هذه البحوث سنجد أن واحدًا منها يناقش قضية تراثية، يستثمر فيها الفرصة للدفاع عن التراث، ويبين فيه المنهجية الصحيحة للتعامل معه دون تقديسه أو الانتقاص منه، وسنلقى بحثًا آخر يجلي الجوانب الحضارية للإسلام في موضوعات الاقتصاد وقضاياه المتنوعة، وسنجد البحث الأخير يرد شبهة كبيرة عن الإسلام، ويبين الموقف الصحيح من المسألة – محل البحث – والذي يتوافق مع المنجزات الطبية والصحية المعاصرة.
ونسأل الله لنا ولهم دوام التوفيق والسداد
أ. د / نظير محمد محمد عياد
مفتي جمهورية مصر العربية
رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الافتاء في العالم
DOI
10.21608/dftaa.2024.395069
Authors
First Name
أ. د / نظير محمد محمد
MiddleName
-Affiliation
مفتي جمهورية مصر العربية
Email
-City
-Orcid
-Link
https://dftaa.journals.ekb.eg/article_395069.html
Detail API
https://dftaa.journals.ekb.eg/service?article_code=395069
Type
أبحاث متخصصة فی الفقه والأصول
Publication Title
مجلة دار الإفتاء المصرية
Publication Link
https://dftaa.journals.ekb.eg/