إن هذا البحث يهدف إلى اظهار الصلة الوثيقة بين علم أصول الفقه وعلمي الحديث والفقه، فإن السنة النبوية لما كانت هي المصدر الثاني للتشريع نالت عناية العلماء على مر العصور نقلا وتدوينًا ودراسة، فكان منها ما هو متفق على قَبوله وحجيته، ومنها ما هو متفق على ردِّه وعدم حجيته، ومنها ما هو مختلف في قَبوله أو رده، ومِن هذا القبيل الحديث المُرسَل. فكان من الضروري الوقوف على حقيقته حيث إن نظرة الأصوليين تختلف عن نظرة المحدثين في ذلك، فإن المرسل عند الأصوليين يشمل كل الانقطاع في السند بخلاف المرسل عند المحدثين، فإنه يختص بما سقط منه الصحابي فقط؛ لذا كانت نظرة الأصوليين أعم من نظرة المحدثين في ذلك. وقد تباينت أراء الأصوليين في مدى الاحتجاج بالحديث المرسل واعتباره في إثبات الأحكام الشرعية حيث اختلفت مواقفهم في ذلك، فمنهم من قال بقبوله وإن اختلفوا في الترجيح بين المسند والمراسيل والتفضيل بينها، ومنهم من قال برده، ومنهم من قال بالتفصيل في ذلك، وقد ترتب على هذا الخلاف آثار فقهية تبين ثمرة الخلاف الأصولي في الاحتجاج بالحديث المرسل والعمل به. الكلمات المفتاحية: الخلاف - الأصولي – الحديث - المرسل – الآثار.