كَثُرَتْ الدراسات التى هَدَفَتْ إلى تطبيق معايير نحو النص على الإنتاج الأدبى القديم والحديث، لكن ـ فى المقابل ـ لم يَحْظَ الإنتاج النحوى النظرى والتطبيقى للقدماء ـ وخاصةً النحاة المُتَقَدِّمِين ـ بالاهتمام الكافى لقراءة كتبهم قراءة جديدة فى ضوء الدراسات النصية الحديثة، لذا تأتى هذه الدراسة للموازنة بين المذهبين ـ البصرى والكوفى ـ موازنةً نصية. وتهدف إلى رَصْدِ تطبيق التحليل النصى عند البصريين والكوفيين دون ارتباطٍ بشخصية، أو اقتصار على مذهبٍ، أو انحصارٍ فى نوعيةٍ معينةٍ من المؤلفات. وينتهج هذا البحث المنهج الوصفى التحليلى المقارن. وتوصل إلى مجموعة من النتائج، أهمها أنَّ البصريين والكوفيين وضعوا بعض القواعد النحوية بناءً على قراءةٍ نصية للنصوص العربية الصحيحة، وأعملوا مفهوم معايير نحو النص، دون استخدام مصطلحاته، وكان أكثر اعتمادهم على مفهوم معيار السبك والحبك والموقفية والقبول، ولم يَفُتْهُم استخدام مفهوم معيار القصد والإعلامية والتناص أيضًا. وقد اتفق أصحاب المذهبين على القراءة النصية نفسها فى بعض المواضع، واختلفوا فى مواضع أخرى بِنِسَبٍ متفاوتة. وكان لتحليلهم النصي صدى فيمن جاء بعدهم. ويوصى البحث بضرورة تَتَبُّعِ التحليل النصي لدى النحويين المُتَقَدِّمِين والمُتَأَخِّرِين، كلٌّ على حِدَة.