يشهد العالم منذ مطلع القرن الحادي والعشرين طورًا جديدًا من حياة البشرية، ترافقه تطورات عميقة التأثير في مختلف مجالات الحياة على الأصعدة كافة، مما جعل منه قرية صغيرة، تتقارب فيها المسافات والحدود، ويعتمد ذلك على ما يمتلكه العالم من قدرة فائقة على التسارع العلمي، والتطور التكنولوجي والإنتاج الغزير في المعرفة، ومن ثم أطلق عليه البعض مجتمع القرن الحادي والعشرين، وتبدو قوته في مجموعة التحديات التي ينتجها بمعدلات سريعة ومتلاحة، وما تبشر به من فرص، وما تطرحه من صعوبات، الأمر الذي فرض بطبيعة الحال على الأنظمة التعليمية أن تطمح للارتقاء والتطور، من خلال السعي لإعداد النشء إعدادًا سليمًا، بتزويدهم بالمهارات التي يمكنهم بها تلبية طموحات مجتمع القرن الحادي والعشرين من جهة، إضافة إلى كونها محركًا لتنمية الوعي، بجعل المتعلمين وسيلة المجتمعات للنهوض وبلوغ مستقبل أفضل من جهة أخرى.
من هذا المنطلق، سعى البحث الحالي إلى تقديم نموذج تخطيطي لمركز تنمية مهارات القرن الحادي والعشرين بمرحلة رياض الأطفال، ليكون نواة لإعداد الأطفال وإكسابهم مهارات تجعلهم قادرين على التفاعل مع القرن الحادي والعشرين، ولتحقيق هذا الهدف، اعتمد البحث على منهجية مركبة من شقين، هما: المنهج الوصفي، وأحد أساليب التخطيط التربوي وهو أسلوب دلفي؛ بهدف بناء تصور للمتطلبات التخطيطة المرغوبة لمركز مهارات القرن الحادي والعشرين بمرحلة رياض الأطفال، وذلك في ضوء آراء الخبراء واستجاباتهم على ثلاث جولات لأسلوب دلفي، وخلصت نتائج البحث إلى التوصل لنموذج تخطيطي لمركز تنمية مهارات القرن الحادي والعشرين بمرحلة رياض الأطفال، يشتمل على عدة متطلبات تخطيطية رئيسة، تمثلت في: متطلبات تخطيطية تتعلق بكل: من فلسفة المركز، وأهدافه، ورؤيته، وسالته، وهيكله التنظيمي، وبالتمويل، وآليات التنفيذ والمتابعة للمركز