تمثل مسألة تهذيب الأخلاق وتحقيق الفضائل قوام الفکر الأخلاقي کافة عبر عصوره القديمة والحديثة، فهي رسالة الدين وثمرة العمل الصالح ومقتضى الأمر والنهي، فإنما کان دور فلاسفة الأخلاق والمصلحين في کل عصر أن يحققوا الفضيلة في المجتمع ويخلصوه من الشرور والرذائل، سواء کان ذلک منهم عمليا أو نظريا، وکم نشد فلاسفة اليونان تحقيق مدينة فاضلة ومجتمع مثالي، والأمر بحاله عند المسلمين على کافة فرقهم وآرائهم، فقد جاء القرآن والسنة النبوية موجهان لکل خير وفضيلة ومحذران من کل شر ورذيلة، وکان الربط في هذا بالثواب والعقاب، والجزاء الدنيوي والأخروي على السواء ضامنا ومساعدا على تحقيق هذه الرسالة في المجتمع المسلم وقد جاءت نظرية الفضيلة على رأس مسائل متعددة في قضايا علم الأخلاق، وشغلت مساحة من نظر المفکرين، وخاضوا في قضاياها ابتداء من تحديد الماهية والمفهوم، وطبيعة الفضائل وأقسامها وطرق تحصيلها، وتعددت فيها الآراء. بدأ هذا عند فلاسفة اليونان القدماء، وتنازعوا أمورا فيها من أهمها: فکرة الوسط الأرسطية وأصول الفضائل الأفلاطونية .