تغير العالم في عصرنا الراهن إلى عوالم رقمية، قادتنا إليها التطورات التكنولوجية التي طرأت على وسائل الإعلام والاتصال وساهمت في تغيير وظائفها ومحتویاتها وطرق عرضها ونشرها والتفاعل معها، فخلقت هذه المخرجات جمهور منتج ومصنع للمضامین الإعلامیة والاتصالیة وآخـر مسـتهلك لها في ظل عالم متغیر لا یعترف بالحدود ولا تأسره قیود.
ومن خلال هذا السياق، أصبحنا متواجدين كارهين أو مؤيدين في بيئة رقمية حاملین هویات رقمیة حقیقیة وأخرى مستعارة أو مزیفة، وأصبحنا نتفاعل ونشارك ونعلق على محتویات إعلامیة مكتوبة وسمعیة بصریة نتلقاها على صفحاتنا وحساباتنا الشخصیة دون التحقق من دقتها وصـحتها، فبتنا ضحیة للأخبار الكاذبة وغیرها من منتجات الثقافة الرقمیة الرامية للتشویش على الفكر والتلاعب بالعقول، وكذا تلـك المركزة على اسـتمالات العواطف ودغدغة المشاعر قصد كسب رهان وتنمـیط الرأي وصولًا إلى التكیف مع صناعة ونشر التفاهة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتري الباحثة أن تقنية Deep fake قد وصلت من الخطورة إلى حد الاكتفاء بصورة واحدة لشخص ما لكي تستطيع محاكاة ملامحه على وجه شخص آخر في أي مقطع فيديو! ربما لن تكون النتيجة بنفس الدقة، إلا أنها كافية للتضليل حتمًا.
ويمكن القول إن التعامل مع هذا التطور التكنولوجي الداهم يتسم بقدر أكبر من الفوضى والضبابية. فدرجات وعي القضايا السياسية التي تجعل المستخدم حساساً للتضليل وقادراً على التحقق من مصداقية القضية السياسية، تتفاوت بشدة بين الدول وبعضها، وفي داخل الدولة الواحدة. كما أن الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في عدد من دول المنطقة، جعلت من التزييف والتضليل تهمة الجميع وسلاح الكل، وحكومات تتهم أشخاصاً أو كيانات بالتزييف والتضليل لإثارة البلبلة وإشاعة عدم الاستقرار والفوضى.