تُعد المقامة العبرية من أهم وأشهر الأشكال السّردية ظهورًا في ساحة الأدب العبري في العصر الوسيط، وقد شهدتْ المقامة العبرية تطورًا ملحوظًا في طُرُق وأنماط الكتابة تابعةً في ذلك المقامة العربية. وباتت حاجة اليهود في الأندلس الإسلامية إلى إنتاج إبداعي يتخطّى حدود التقليد إلى التأليف ضرورةً مُلحَّة لا يمكن إغفالها. وكان على المقامة العبرية أن تتطوّر من حكاية تعكس أحوال اليهود في مجتمعاتهم المختلفة وسلوكياتهم الظاهرية، إلى طقس يهودي يبحث في عمق التاريخ اليهودي ليربطه بالحاضر، مُستخدِمًا لغةً عبرية رشيقة تجمع بين الألفاظ والتراكيب القديمة مع التحديثات العربية الأندلسية التي طرأتْ عليها. وعلى الرغم من قِدَم فن المقامة، فإنه يظهر فيه أطر وسمات يمكن أن نلتمسها في النظريات والتوجهات النقدية المعاصرة؛ ومن هنا تحاول هذه الدراسة تقديم رؤية نقدية حداثية لهذا اللون الفني القديم، من خلال تناول التقنيات الميتاسردية في المقامة محل الدراسة. مشكلة الدراسة وتساؤلاتها: تنطلق مشكلة الدراسة من الأسئلة الآتية: هل تضم المقامة العبرية بوصفها فنًّا قديمًا تقنيات ميتاسريدية حداثية؟ ما مفهوم الميتاسرد؟ وما أشكاله؟ وكيف تجسّدتْ ألوان الخاصية الميتاسردية في المقامة الأولى؟ "المقامة الأولى- توضح كينونة هذا الكتاب وعلى من أُلِّف بأقوال مأثورة". أهمية الدراسة: تقدِّم هذه الدراسةُ إلى المكتبة العربية دراسةً جديدةً تعتمد على تطبيق منهج نقدي معاصر على نص قديم؛ حيث تَدرس ظاهرةً فنية جديدة جاءت في أسلوب المقامة محل الدراسة، هي «ظاهرة الميتاسرد»، ولا توجد دراسة عربية لهذه المقامة حاولتْ مثل هذه المحاولة.