كان لوباءِ الموتِ الأَسودِ - الذي أصابَ المُجتمَع الأوروبِّيَّ والعالمَ كلَّه في القرنِ الرَّابع عشرَ الميلاديِّ- تأثيراتٌ هائلةٌ على شتَّى نواحِي الحياةِ، وطُرق العيشِ في مُختلف مناطقِ أوروبَّا، ولم ينجُ من تأثيراتِ هذا الوباءِ أحدٌ تقريبًا، سواءٌ أكان من الرِّجالِ أم النِّساء أم الأطفال، وقد تحمَّلت المرأةُ عبئًا كبيرًا إبَّان فترةِ الوباءِ، فكانت المرأةُ كالمُحاربةِ ضدَّ هذا الوباءِ، سواءٌ أكانت ربَّة منزلٍ أم عاملةً، فقد أثبتت المرأةُ قُدرتَها على مُواجهةِ الأزماتِ ونجاحَها في تخطِّيها. فعلى سبيلِ المِثالِ: كانت أوَّل من استجابَ للعملِ داخلَ أروقةِ المُستشفيات، هذا إلى جانبِ قيامِها بتقديمِ الرِّعايةِ الصِّحِّيَّة للمُصابين في المنزلِ، كما تحمَّلت أيضًا مسئوليَّةَ بناءِ المُجتمَع وتنميتِهِ بعد انتهاءِ الوباءِ، فقد أُلقِيَ على عاتقِها مسئوليَّةُ إعمارِ المُجتمَعاتِ الأوروبِّيَّة بالسُّكَّان عن طريقِ الزَّواجِ وإنجابِ الأطفال.