ناقشت الدراسة المعايير النصية التداولية في "العهدة العمرية" وهي نص كتاب الصلح الذي أعطاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأهل القدس؛ وفيها وعهد يتعهد بموجبه حمايتهم ومنحهم حرية العبادة وممارسة حياتهم المعتادة، مقابل دفعهم الجزية والدخول في طاعة المسلمين، واستكشفت الدراسة معالم النص في الوثيقة بأبعاده الدلالية والمعرفية ومدى توافر جملة من المعايير والعوامل مجتمعة التي تجعل من النص كلاً متكاملاً، ويحدث القبول عند المتلقي، مع التركيز على المعايير اللغوية وغير اللغوية في دراسة النص، وبيان توافق النصوص التراثية مع هذه القواعد، وخطة البحث تبدأ بالحديث عن وثيقة عمر لأهل القدس، ثم مفهوم النص والنصية، وبيان معايير النصيّة واللغوية والتداولية في ضوء الوثيقة العمرية، كونها تمثل وثيقة إسلامية تاريخية تكشف عن لغة النص عند القدماء المسلمين، واعتمد الباحث على المنهج الوصفي التحليلي في الدراسة والتحليل، وهو الأقرب مناسبة لهذا البحث، وكان من أهم نتائج هذا البحث، بيان الأخلاق الإسلامية في حالة النصر، ومقبولية الخطاب عند المتلقين الذي أوجد التعايش السلمي معهم وإعطاؤهم الأمان مقابل دفع الجزية، وظهر بجلاء حضور معايير النص الحديثة في نص الوثيقة الخالدة، وكان من بعض توصيات البحث ضرورة استشراق آفاق الدراسة النصية في مزيد من النصوص التاريخية لأنها تكشف أصالة النصوص وتماسكها من جهة وبيان الطرق التي تتجلى بها المقاصد في النص اللغوي من جهة أخرى.