وقع اختيار عنوان هذا البحث على السُّلْطَان المملوكي الأشرف قايتباي لدراسة مواقفه الغاضبة تجاه عَسَاكِره[872- 901ﻫ/ 1468- 1496م]؛ لثلاثة أسباب, الأَوَّل: فترة حُكمه الطَّويلة إذ قاربت ثلاثين عامًا, الثَّاني: المادة العلميَّة الغزيرة التي أفردتها المصادر التَّاريخيَّة في هذا الشَّأن, والسَّبب الثَّالث: تضارب أقوال المُؤرخين في وصف مشاعره بين الحِلْم وشِدَّة الغضب, فكان لزامًا ترجيح قول على آخر, ولتتبع ورصد المواقف الغاضبة وتحليها وتطورها.
والبحث يُحاول أن يُظهر كيفيَّة تصرف السُّلْطَان الأشرف قايتباي إزاء المواقف الغاضبة في تعامله مع عَسَاكِره, كي تكون نموذجًا للإدارة السِيَاسِيَّة في العصور الحديثة المُعاصرة, وخَاصَّة في المواقف التي أثبتت حُسن تصرفه فيها, والمقصود بالمواقف الغاضبة كل المشاعر التي تُوحي بالغضب: كالانزعاج, تَغَيُّر الخاطر, التَّغَيُّظ, الحِدَّة, الحنق, الضِّيق, والنَّكَد, فهي مشاعر ذات مترادفات واحدة, وخَاصَّة أن المؤرخين لم يميزوا بينها عند رصدها, كما حاول البحث إلقاء الضَّوء على ردود أفعال السُّلْطَان قايتباي إزاء المواقف التي سببت غضبه على المستوى العَسْكَرِي, وما نتج عنها من عقوبات حسيَّة ومعنويَّة..