تفرض الثورات المعلوماتية والتكنولوجية والعولمة بأبعادها المختلفة العديد من التحديات وما يتمخض عنها من صراع القيم الذى يهدد سلوكيات وقيم المجتمعات ، الأمر الذى يستوجب أن تكون المؤسسات التربوية وإدارتها قادرة على مجابهة تلك التحديات حفاظا على بقائها واستدامتها ، وذلك من خلال نمط قيادي يتسم بالقدرة على تنمية بيئة ومناخ تعليمى واجتماعي داعم للعدالة ، والمشاركة فى صنع القرار، وداعم للعمل الجماعي ، مع الاهتمام بقيم المجتمع وقيم الفرد وكرامته ، فى إطار من التعاون والاحترام المتبادل ، والانسجام بين المبادئ والقيم ، وبين البيئة التعليمية وأهداف المؤسسة. وهذا الأسلوب فى القيادة يولد الثقة لدى الأتباع ، ويشعرهم بالأمان الوظيفي ، مما يؤدى إلى تحمسهم لانجاز المهام ، وإخلاصهم فى تحقيق أهداف المؤسسة .
وتعد القيادة الأخلاقية من أكثر المداخل القيادية ملاءمة فى إرساء ثقافة مؤسسية قوامها التعاون والاحترام ، والمشاركة فى صنع القرار ، وبناء الثقة لدى الأتباع ، وتطوير مناخ تنظيمي يتم فيه تعزيز سلوك الأتباع الأخلاقي . ومن ثم تمثل القيادة الأخلاقية وممارساتها أهمية كبرى لتحقيق الأداء الفعال والكفء للمؤسسة التعليمية ، حيث تركز القيادة الأخلاقية فى التأثير على المرؤوسين للتصرف بشكل أخلاقي ، كما تلعب الأخلاق دورًا مهمًا لاسيما في المنظمات التي تركز بشكل أساسي على ممارسات الحوكمة الرشيدة ، وتسهم الممارسات الأخلاقية فى خلق ثقافة أخلاقية من خلال ممارسات القيادة الفعالة . Kar, 2014 ) )
ويمثل القائد التربوي أحد العوامل الرئيسة فى تحديد إدراك المعلمين للمناخ المدرسي، باعتباره من أهم العوامل فى ترسيخ بيئة تعليمية فعالة، حيث إن قائد المدرسة هو المسئول عن إيجاد بيئة داعمة للمدارس، لذا يجب على قادة المدارس امتلاك القدرة على التغيير، والتكيف مع ظروفهم من أجل التحسين التنظيمي المستمر ، وتعزيز المجتمع المدرسي ، الذى يُمكَّن المدرسين من تبادل الأفكار ، ويشعرهم بالراحة فى تبادل الخبرات التى تؤثر على الأجواء بشكل إيجابي ، كما أن التفاعلات اليومية للمدراء مع معلميهم تؤثر على ثقة المدرسين وقدرتهم على التأثير فى القرارات ، علاوة على ذلك فان هذه العلاقات تؤثر على إنجاز الطلاب وأدائهم ، حيث يشعر المعلمون أنهم مدعومون ومحترمون ، ويعملون معا لحل المشكلة وتحقيق الأهداف المشتركة ، ونتيجة لذلك فان تصورات المعلم عن الدعم من مدير المدرسة تؤثر بشكل مباشر على التزامه ، ومن ثَمَّ فان القائد التربوي للمدرسة يساعد على إيجاد مناخ يؤثر بشكل مباشر على البيئة المدرسية ، وعلى إدراك المعلمين لتلك البيئة .( Locks, & Watson, 2018 )