إن العالم اليوم في سباق مع الزمن على جميع الأصعدة والمجالات، فلا يكاد يمر وقت قصير حتى تظهر نظرية ما، يعمل روادها على تفعيلها وتطويرها بغية إحراز تحسينات على طبيعة الحياة العامة، كما فرضت التطورات العلمية نفسها على طبيعة عمل المؤسسات على اختلاف مجالات عملها، وإنَّ الطفرات العلمية التي تنجرها الجهود الحثيثة في كلِّ الميادين تحتم على الميدان التربوي أن يبحث عن اتجاهات ونماذج معاصرة مبتكرة؛ لتفعيلها في هذا الميدان بما يعود على المخرجات بالنفع والتحسين، كما تحتم على المؤسسات أن تطور هياكلها التنظيمية لمواكبة هذه التطورات أو مجاراتها حتى لا تبقى تراوح في مكانها بينما عجلة التقدم تسير بسرعة هائلة لدى دول العالم المتقدم. ومن بين هذه الأدوات المهمة التي قدمتها نظريات التربية الحديثة (التَّمكينُ الإداري) الَّذي يضع مديري المؤسَّسات أمام مسؤوليَّاتهم الكبيرة والصَّغيرة على حدٍّ سواء، ويعزِّز الدافع الذاتي للعمل على التحسين والتطوير وابتكار المواقف والوسائل التي تؤهل العاملين معهم للقيام بواجباتهم على أكمل وجه وأتقنه، والإحساس بالاستقلالية المنضبطة وإدارة الشؤون الداخلية من شأنه أن يزيد من نسبة العمل التقدمي ويفسح المجال للإنجازات أن تكثر شرط أن يستوفي التمكين الإداري -كل في عمله- الركائز والمقومات والمتطلبات، وأن يجري استيعاب أساليبه ومعرفة المزايا التي يمنحها، وأن يتسم بالنضج والجدية والتكاملية. وهو مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالاستغراق الوظيفي ويعد تفعيله وسيلة لتحقيق الاستغراق الذي يتمثل في الشعور بالرضا التام عن الوظائف التي يقوم بها الموظف، ويعد من نتائج أنظمة المؤسسة، كما يعد من أهم المفاهيم التي ترفع من مستوى العمل وتدعمه إلى حد كبير، كما يشير إلى حالة يندمج فيها الفرد مع الوظيفة التي يمارسها، ويستشعر أهميتها.