مُسْتَخْلصُ البَحْثِ:

لَمْ تَحْظَ أعْمَالُ ابْنِ الخَمَّارِ بِالاهْتِمامِ الكَافِي مِنْ قِبَلِ الدَّارِسِينَ كَثِيراً، مَعَ أنَّهُ يَنْتَمِي إلِى فَتْرَةِ العَصْرِ الذَّهَبِيِّ للحَضَارَةِ الإسْلامِيَّةِ. لِذَلِكَ فَقَدْ رَأَيتُ أنَّ أَلْفِتَ عِنَايَةِ البَاحِثِينَ إلَى مَا قَدَّمَهُ هَذا العَاِلمُ، مِنْ خِلالِ أعْمَالٍ مُهِمَّةٍ لَهُ فِي تَارِيخِ العُلُومِ، وَلِذَلِكَ تَمَّ اخْتِيَارُ إِعَادَةِ تَحْقِيقِ أَحَدِ أَعْمَالِهِ الـمَوْسُومَةِ بـــــ:(الآثَارِ المـُـتَخَيَّــلَةِ فِي الجَوِّ مِنْ البُخَارِ المَائِي)، الـمُتَخَصِّصَةِ فِي الظَّوَاهِرِ الضَّوْئِيَّةِ الجَوِّيَّةِ عَلَى أَرْبَعِ نُسَخ ٍمَخْطُوطَةٍ جَدِيدَةٍ، لَمْ يَتِمْ تَحْقِيقُه عَلَيْها مِنْ قَبْل، وذَلِكَ بِهَدَفِ اسْتِكْمَالِ مَواضِعِ النَّقْصِ والتَقْصِيِر فِي التّحْقِيقِ السَّابِقِ الذِي تَمَّ قَبْلَ أَرْبَعَةٍ وعِشْرِينَ عَاماً، وإظْهَارِ العَمَلِ فِي تَحْقِيقٍ جَدِيدٍ مُكْتَمِلٍ ووَافِيٍّ فِي جَمِيعِ جَوانِبِه.

وأَسْعَى بِذَلِكَ إلَى أنْ أُقَدِمَ للبَاحِثِينَ الـمُتَخصِّصِينَ أَقْرَبَ نَصٍّ مُحَقَقٍ لِنَصّ المـُــؤَلِّفِ الـمَخْطُوطِ، الأَمْرُ الذِي يَكْشِفُ بِشَكْلٍ دَقِيقٍ عَنْ مَعْرِفَةِ ابْنِ الخَمَّارِ بَيْنَ مَعَارِفِ العلَمَاءِ العَرَبِ فِي مَجَالِ تَخَصُّصِه الدَّقِيقِ فِي البَصَرِيَّاتِ الجَوِّيَّةِ. ومِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، فَقَدْ كَشَفْنا مِنْ خِلالِ هَذا التَّحْقِيقِ، أنَّ ابْنَ الخَمَّارِ ألَّفَ هَذا المـَخْطُوطِ تَأْلِيفاً جَدِيداً فَرِيداً مِنْ نَوْعِه، ولَمْ يُتَرْجِمْهُ عَنْ السّرْيَانِيَّةِ كَمَا زَعَمَ عَدَدٌ مِنْ المـُؤَرّخِينْ. ومِنْ أَهَمّيَّةِ هَذا المَخْطُوطِ وقِيْمَتِه العِلْمِيَّةِ، أنَّ ابْنَ الخَمَّارِ قَدْ بَرْهَنَ فِيه هَنْدَسيَّاً وفِيزْيَائِيَّاً عَلَى أنَّ الظّوَاهِرَ الجَوّيَّةَ الضّوْئِيةَ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ خَيَالاتٍ نَاتِجَةٍ عَنْ انْعِكَاسِها عَنْ الغُيُومِ، وَلَيْسَ لَها اسْتِقْرَارٌ أَوْ وُجُودٌ مَادِّيٌّ مِثْلُ الغُيُومِ.