رغم أنه لا يوجد اتفاق على مفهوم محدد للحياة الخاصة، إلا أن حق حمايتها أصبح أحد الحقوق الأساسية للإنسان المعاصر، وقد أقر هذا الحق العديد من المواثيق الدولية والإقليمية والتشريعات الداخلية، وحرص المشرع في كل من مصر وفرنسا على إقرار حماية مدنية وجنائية للحياة الخاصة.
والإنسان أحوج ما يكون لحماية حياته الخاصة في هذا العصر حيث التقدم التكنولوجى المذهل والمتلاحق الذى وفر بسخاء ويسر وبتكلفة مالية ملائمة سبل اقتحام الحياة الخاصة للآخرين.
وإذا كانت التكنولوجيا الحديثة تحمل تهديداً واضحاً لحرمة الحياة الخاصة للإنسان، فإن هذا التهديد يكون أكثر ضراوة بالنسبة للعامل في مواجهة صاحب العمل، فالأخير يملك الرقابة والإشراف على عمل العامل بموجب علاقة التبعية، وقد يبالغ فيضع أنظمة مراقبة حديثة تمس حرمة الحياة الخاصة للعامل، ويزداد الأمر خطورة فى حالة عمل العامل عن بُعد خاصة إذا كان يعمل من المنزل حيث تزداد احتمالات انتهاك وسائل المراقبة التكنولوجية التي يستخدمها صاحب العمل لحرمة الحياة الخاصة للعامل.
ولم يضع المشرع في كل من مصر وفرنسا أحكاماً خاصة لحماية الحياة الخاصة للعامل في مكان العمل أو للعامل عن بُعد، وقد وضعت كل من محكمة النقض واللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات في فرنسا العديد من القواعد - في هذا الصدد - عوضت جانباً كبيراً من النقص الذي خلفه صمت المشرع.
ونأمل أن يلتفت المشرع لتنظيم حماية الحياة الخاصة للعمال، وأن يعى العمال حقوق والحدود المشروع لرقابة صاحب العمل على عملهم باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة.