تغيّرت الصورة التي تقدمها الأفلام لأدوار الشر بشكل كبير عن فترات سابقة، حيث كان يتم تقديمهم في شكل أعداء البطل الذين يقومون بأفعال غير أخلاقية لا يمكن قبولها، إلى شخصيات أكثر تعقيدًا تحمل صبغة إنسانية تجعلها ذات صلة بالجمهور، بل ومحبوبة في بعض الأحيان. كما أصبحت الدراما تقدم الشخصيات ذات الطابع الأخلاقي غير الواضح، التي تجمع بين الخير والشر وأدى ذلك إلى تغير إدراك الجمهور لهذه الشخصيات وتقييمه لها. أدى هذا التحول من السرد التقليدي إلى السرد الأكثر تقدمًا وتعقيدًا، ومن الفصل الواضح بين الخير والشر إلى سياق يعرض الشخصية الشريرة على أنها معقدة وليست بسيطة ويقدم خلفياتها النفسية والاجتماعية كما كان يحدث سابقاً مع البطل. وقد أدى ذلك إلى تشجيع الجمهور على عدم التسرّع في الحكم عليها، مما أثر على العمليات المعرفية المرتبطة بإدراك الجمهور لهذه الشخصيات في الأفلام مؤخرا من خلال تطوير أبنية معرفية خاصة بتقييم والتعامل مع هذا النوع من الشخصيات، وأدى ذلك إلى التعاطف معهم وتقبّل قسوتهم. وتهدف الدراسة الحالية إلى التعرف على مدى إدراك الشباب المصري للتغير في تقديم أدوار الشر والشخصيات غير الواضحة أخلاقياً في الأفلام والمسلسلات الحديثة، ومدى استجابة وتعاطف الجمهور معهم وأسباب ذلك. وتعتمد الدراسة الحالية على المنهج الكيفي من خلال مجموعة نقاش متعمقة وتستند إلى مجموعة من المفاهيم المستمدة من أطر نظرية فسرت تقييم الجمهور لسلوك الشخصيات الدرامية في ضوء مدى أخلاقيتها، والذي يؤثر على العمليات الإدراكية المرتبطة بهذا التقييم.