الذكاءُ الاصطناعيٌّ (Artificial Inttelligence) شاهدُ عيانٍ على عبقريَّةِ العَقْلِ البشريِّ، الذي استطاعَ تسخيرَ تقنياتِ العصرِ لخدمتِه في شتَّى المجالاتِ الحياتيَّة، ومنها العلومُ الإنسانيَّةُ واللُّغاتُ.

ولَئِنْ نَجَحَتْ مَجَالاتٌ عِدَّةٌ في الإفادةِ مِن قُدراتِ الذكاء الاصطناعي لخدمةِ عُلومِها، فإنَّ الاستعانةَ به في مجال دراسة العربيَّةِ و تعليمِها لا تزالُ محدودةً للغاية، كما أنَّ الجهودَ البحثيَّةَ (الجادَّةَ) في هذا المجالِ في حاجةٍ مُلِحَّةٍ إلى بذلِ المزيدِ مِن التعمُّقِ والطَّرحِ البنَّاء، الذي يكشفُ عمَّا انتهت إليه مُعَالجاتُ الذكاء الاصطناعي للغةِ الطبيعيَّةِ في هذه الآونةِ الأخيرةِ، وما يُمكن أنْ يُقدِّمَه لنحو العربيَّةِ في المُستقبلِ.

يتناولُ هذا البحثُ (الذكاء الاصطناعي ودراسة الجملة الفعلية: عرض وتحليل) بالعرضِ والتحليلِ بِنْيةَ الجُملة العربيَّة الفعلية، وإشكاليَّةَ تعلُّمِها، ومفهومَ الذكاء الاصطناعي ومجالاته المختلفة، ومناقشة مدى سُهْمَتِه في دراسةِ النَّحوِ العربي وتعليمِه عمومًا، والجملةِ الفعليَّةِ على سبيل الخصوص. وهو محاولةٌ متواضعةٌ حاولَ فيها الباحثُ عرضَ الآراءِ السابقة له، ومناقشة الجادَّةِ منها، مع الإدلاءِ بنكاتٍ موضوعية، قد تستثيرُ هِمَمِ المختصِّين التقنيِّين ـ بمعاونة اللغويِّين ـ في تطويعِ تلك القدرات الهائلة التي تُحاكي ذكاءَ الإنسانِ وسلوكَه البشريَّ؛ مِن أجلِ خدمةِ العربيَّةِ وقواعدِها النحويَّةِ.

وقد أفادَ صاحبُه فيه مِن معطياتِ المنهجِ الوصفي التحليلي، مع الاستعانةِ بالمنهجِ التاريخي في تتبُّعِ آراء اللغويين والنُّحاةِ وتقسيمَاتِهم المختلفة للجملة الفعليَّة، وأشكالِها النمطيَّة؛ الأمر الذي يُحَدِّدُ مُقوِّماتِ النظرةِ الكليَّةِ للجملةِ الفعليَّةِ، قبل إخضاع الآلةِ لتعليمِها.