استعرض البحثُ آراءَ القدماء والمحدثين في مخارج حروف التفخيم وصفاتها، وتأثيرها فيما جاورها من الحروف ضمن قانون التسهيل والمماثلة، وقارن بين آراء الفريقين محاولاً التوفيق أو الترجيح فيما تعارض من آرائهما، مثبتًا براعة القدماء ودقتهم رغم قلة الإمكانات لقياس الأصوات التي توفرت للمحدثين.

وبيَّن البحثُ أن دافع القدماء في الدرس الصوتي هو الحفاظ على قراءة القرآن كما أقرأها الرسول صلى الله عليه وسلم لصحابته.

ثم تناول البحثُ الأثر الدلالي لحروف التفخيم في الدلالة مثبتًا أنَّ معظم الألفاظ التي حوت حرفًا أو أكثر من حروف التفخيم تفيد معنى مفخمًا.

‏ أما بعد.. فإن اللغة العربية قد حظيت بعناية ربانية خاصة قبل نزول القرآن، إذ هيأ لها من القرائح الصافية والأذهان الذكية والبيئة المناسبة ما جعلها أهلاً لتلقي وحي السماء، كتابًا خالدًا خاتمًا لجميع الرسالات، معجزًا في نظمه وأسلوبه وتأثيره، باعتراف العرب جميعًا ممن آمنوا به وصدقوه، وممن اعترفوا بسمو بلاغته، وإن لم تكتب لهم السعادة بالإيمان، وممن كابروا بألسنتهم، وأقروا بعجزهم وسكوتهم عن محاولة الإتيان بسورة واحدة من مثله، عندما تحداهم مرة تلو المرة.

‏ ثم زادت هذه اللغة بالقرآن بهاءً وجمالاً، وازدادت محبة أهلها لها، ففدوها بــأرواحهم، وأوقاتهم، وعكفوا على تأملها ودراستها، ووضع القواعد لحفظها، عندما لمحوا شيئًا من اللحــن والتغيير فيها، وضعوا لنا معجمات لحفظ مفرداتها، وقواعد للصرف والنحو لحفظ أبنية كلماتها وتراكيبها، وقواعد في البلاغة لحفظ أساليبها وضبطها، وكشف أسرار جمالها وتأثيرها.