يهدف هذا البحث إلى تناول الأدلة النّحويّة التي استند عليها ابنُ السّرّاج النّحويّ البصريّ في موافقاته للكوفيين في بعض المسائل النّحويّة، والكشف عنها، وإجراء نقاش حولها، لمعرفة هل أتى فيها بجديد أم لا؟ وتم اتّباع المنهج الوصفي؛ اعتمادا على التقرير للظاهرة النحوية وتحليلها.

وقد توصّل البحثُ إلى عدة نتائج، أهمها: أنّ ابن السّرّاج على الرغم من أنّه إمام من أئمة النحوي البصري؛ فإنَّه وافق الكوفيين في بعض المسائل النحوية، ومن هذه المسائل جواز تقديم خبر (ليس) عليها، وجواز إعمال إنْ النافية عمل (ليس)، والحكم باسميّة رُبّ، وجعل فاعل (كفى باللّه) ونحوِهِ ضميرًا مستترًا يعود إلى مصدر الفعل، وقصرُ عمل كي على نصب المضارع دون جرّ الاسم. وكانت المستنداتُ التي استند عليها في ترجيح آراء الكوفيين غالبها مأخوذة من الكوفيين أنفسهم، ولم يأت فيها بجديد، والمستندات ما بين سماع وقياس وتعليل قائم على الصنعة النحوية، وأنّ شيئًا منها قد خالف السماع الوارد عن العرب.

يُعدُّ أبو بكر محمد بن السري البغدادي المعروف بابن السّرّاج المتوفى سنة 316ه إمامًا من أئمة النحو، وإليه انتهت الرياسة فيه بَعد المبرّد، وأخذ عنه الزَّجاجي، والسّيرافي، وأبو علي الفارسي وغيرهم. وكثر ثناء العلماء عليه، فقال عنه ابن خلكان: "كان أحد الأئمة المشاهير، المجمع على فضله ونبله وجلالة قدره في النحو والآداب"( )، وقال عنه الإمام الذهبي:"إنّه العلامة، إمام النحو، ومن انتهى إليه علم اللسان"( ).