لقد مثلت البنوك التجارية في مصر مؤسسات ذات أهمية كبرى تقوم أساسًا بخلق الودائع المصرفية وتمويل التجارة الخارجية والداخلية، وإنه جهاز لتجميع رؤوس الأموال تحت يديه ودخوله في كثير من المشروعات الاقتصادية، لذا سارعت إيطاليا باستثمار أموالها في هذا المجال في مصر لنمو رأسمالها، ويضاف إلى هذا المجال أيضًا الاستثمار في أعمال التأمين على أموالها في كثير من المشروعات مثل شراء العقارات والعمارات الكبيرة والأوراق المالية المصرية والأجنبية والأسهم وغير ذلك، وقد ساعد على ذلك نشاط الشركات وكثرة أرباحها.
فقد ارتبطت الرأسمالية بنشأة البنوك تاريخيًا، فتراكم رأس المال كان الشرط الضروري لولادة الرأسمالية، ولقد اشتد الاتجاه للتراكم منذ القرن السادس عشر، لكنه لم يكن كافيًا لإنجاز تكوين المجتمع الرأسمالي، فكانت التجارة الخارجية والأعمال المصرفية في ذلك الوقت هي التي نمت أولاً، فلقد كان تدفق المعادن النفيسة من المستعمرات الأمريكية على البلدان الأوروبية عاملًا جوهريًا في تطويرها رأسماليًا، كانت هذه البلدان في نهاية الإقطاع تشهد نموًا جوهريًا هائلاً في ثروتها النقدية من المعادن النفيسة سواء اتخذت صورة رأسمال تجاري أو صورة رأسمال ربوي، وإنما كان رأس المال التجاري هو الذي يلعب الدور الأول، تبعًا لنشاط التجارة الخارجية واتساع الملاحة البحرية وتحقيق الأرباح الطائلة منهما.