إن التداولية فرع جديد من فروع علم اللغة، وتعد نقطة التقاء مجالات العلوم ذات الصلة باللغة بوصفها وصلة بينها وبين لسانيات الثروة اللغوية، فأهم ما ركزت عليه هو الجانب التواصلي المبني على التبادل الكلامي قصد الفهم والتفاهم، لذا نجدها قد فتحت آفاقًا جديدة أمام الدرس اللغوي، وكان لهذا النضج والاتساع الذي شهده الدرس اللساني أثره الواضح في تغيير وجهة اللسانيين العرب وتوجيه أنظارهم إلى اعتناق التداولية؛ رغبةً منهم في الإفادة من مقولاتها وأدواتها التحليلية لفهم منظومة النصوص العربية.
لذا كانت هذه الدراسة محاولة لاستثمار آليات المنهج التداولي وتطبيقها على نص لخطاب قرآني، لفهم مقاصده، وهو الأفعال الكلامية في الخطاب الحواري بين الإخوة في القرآن الكريم؛ وذلك مما يدعونا إلى تعميق النظر في جهود علماء التفسير واللغة والنحو والبلاغة، للكشف عن وجود نظريات لغوية ذات أبعاد ومبادئ تتفق والنظريات اللغوية الحديثة.