مكة المكرمة والمدينة المنورة ، أكثر بقاع الدنيا قداسة ، مهوى الأفئدة قبلة المسلمين ومسعى الحجيج والمعتمرين ، وشرف تنافس الباحثون فى كافة الدراسات للبحث فيه والغوص فى تاريخه ، وكما تنافس الباحثين لنيل هذا الشرف تنافس القوى السياسية قديماً لنيل شرف خدمة وتعمير الحرمين الشريفين ، لدوافع دينية وسياسية وشعبية ، وهذا هو صلب موضوع هذه الدراسة ، وفي واقع الأمر يمكننا أن نؤكد أن سياسة المماليك تجاه بلاد الحجاز كان أحد وجهها دعائى ، وبالتالي فإن السياسة والرؤية الاستراتيجية كانت مكملة لهذا الأدوات السياسية للسلطة المملوكية .

إرتبطت السلطة المملوكية ببلاد الحرمين إرتباطاً معنوياً واستراتيجياً وأخيراً وكانت العلاقة بين السلطة المملوكية ومكة المكرمة والمدينة المنورة كانت علاقة خاصة ومختلفة دارت فى فلك السياسة والمجتمع ، وكان الاهتمام والرعاية بالحرمين الشريفين وأهله هما منبع الشرعية الدينية الأولى للسلطة السياسية المملوكية التى لم تقبل أن ينازعها فيها أحد ، فتداخل السياسى مع الدينى مع الاجتماعى هذا التداخل الذى يمثل أحد أبرز أدوات السلطة فى العصور الوسطى الإسلامية