Subjects
-Tags
-Abstract
اعتادت البشرية على مر العصور الفصل بين النتاج الفكري للأفراد والمتمثل في المصنفات الفكرية والإبداعية في شتى مجالات المعرفة المختلفة من لغة وأدب ودين وعلوم وغيرها، وبين الكتابات والوثائق والمعاملات التي توثق تعاملات فيما بين الأفراد (الزواج/ الطلاق/ البيع والشراء...إلخ)، أو بين الأفراد ومؤسسات الدولة (تسجيل ملكية أو وقف أو غيرها). وانعكس هذا الفصل على نوع المؤسسات المهتمة بكل نوع، حيث نجد المكتبات المؤسسات الثقافية المعنية بتجميع وتنظيم وحفظ وإتاحة النوع الأول المصنفات الفكرية للأفراد، بينما نجد الأرشيفات أو دور المحفوظات تعتني بالنوع الثاني من الوثائق والمسجلات. وقد تجاوز الفصل والتمييز حدود النوع والمؤسسة ليصل إلى العلوم أو التخصصات العلمية والمهنية، حيث يتم الفصل بين تخصص المكتبات وتخصص الوثائق وإدارة المسجلات والأرشيفات. فضلا عن مقتنيات المتاحف (مساحات تستهدف حفظ وتنظيم وعرض أنواع مختلفة من العناصر أو المقتنيات أو القطع المتحفية المتعلقة بالجوانب المختلفة للثقافة والحياة والأنشطة داخل مجتمع من المجتمعات) وهنا نجد التداخل وأحيانا التكرار بين مقتنيات المتاحف والمكتبات والأرشيفات في الكثير من الحالات. وظل هذا الفصل المادي والنوعي والعلمي والمهني، وهذه الخطوط المتوازية غير المتقاطعة قرون من الزمن لا رابط بينها سوى دراسات وأبحاث المؤرخين، وتقارير اليونسكو بشأن التراث الثقافي المادي وغير المادي. ولم تبعد كثيرا هذه المؤسسات عن انعكاسات التطور التقني، بل تأثرت بها وأثرت فيها، وتتمثل في: الطباعة، ثم التصوير المصغر ثم تقنيات الحاسبات وشبكات الاتصالات والنشر الإلكتروني، بل تأثرت كثيرا بها، نتيجة اختلاف نوع الوسائط المستخدمة لنشر المحتوي أو تسجيله وكان سعيها الدؤوب لتجهيز مساحات المباني وتوفير التجهيزات المناسبة وتدريب الموارد البشرية...حتى عرفت الإنسانية هذا الوسيط السحري الذي لا يعرف القيود أو الحدود المكانية والزمانية واللغوية والشكلية وغيرها. انها الشبكة العنكبوتية العالمية للمعلومات، التي أضفت صفة الرقمية للإنسانية كلها بكافة جوانبها نظريا وعملياً. ودفعت اليونسكو لإعادة صياغة لغة ووثائق التراث لتضيف هذه الصفة أيضاً، لتناشد حكومات العالم بتوجيه الاهتمام ووضع الخطط والاستراتيجيات نحو الحفاظ على التراث الرقمي الشامل الجمعي لنتاج الأفراد والمؤسسات في كافة المجالات ولمختلف الأغراض. لقد أحدثت هذه النقلة التكنولوجية ثورة في منظومة المعلومات على كافة المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية. كان من بين نتائجها تدفق غير مسبوق في كم البيانات الصادرة يوميا على اختلاف أنواعها أو شكلها من مختلف الأجهزة الإلكترونية المتصلة بالشبكة وغير المتصلة بها. والفاحص لوظائف وأدوات ومعايير العمل في مؤسسات ذاكرة المجتمعات يتبين له القدر الكبير من التشابه والحد الأدنى من أوجه الاختلاف. لقد تخطت تقنيات النشر الإلكتروني عقبات التمييز والفصل المادي للوسيط وأصبح الوعاء الإلكتروني القاسم المشترك فيما بينها، وهنا تتجلى أدوار نظم إدارة المحتوى الرقمي ومعايير ضبط ووصف المحتوى في البيئة الرقمية، وبذلك تحقق التقارب الرقمي على مستوى كافة أنواع النتاج والمصنفات الفكرية للأفراد ومؤسسات الدولة والقابعة في المكتبات والأرشيفات والمتاحف. وهكذا أصبح التراث الرقمي الرابط بين الماضي والحاضر والمستقبل. وتنظر دراستنا في فرص التقارب الرقمي لكافة أشكال وأنواع التراث الثقافي الإنساني الكائن في مؤسسات ذاكرة المجتمعات من حيث المعايير والأدوات والأنظمة وغيرها والتي يتم استثمارها من أجل تقديم معرفة متكاملة عن المجتمع بكافة جوانبه السياسية واللغوية والدينية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها عبر الأزمنة التاريخية، والتي تصلح كأساس لاستنتاج الخطوط العريضة المحتملة لمستقبل الذاكرة الجمعية.
DOI
10.21608/jinfo.2023.294076
Authors
MiddleName
-Affiliation
أستاذ المكتبات والمعلومات - كلية الآداب جامعة القاهرة
Email
-City
-Orcid
-Link
https://jinfo.journals.ekb.eg/article_294076.html
Detail API
https://jinfo.journals.ekb.eg/service?article_code=294076
Publication Title
المجلة العربية للمعلوماتية وأمن المعلومات
Publication Link
https://jinfo.journals.ekb.eg/
MainTitle
حتمية التقارب الرقمي من أجل التكامل المعرفي لبناء الذاكرة الجمعية لرسم المستقبل للمجتمع