يُعد كتاب (المعيار) لـ " كلونيموس بن كلونيموس" سجلًا دوَّن فيه أحوال اليهود فى عصره ، من خلال شهادته على العصر. وهو كتاب يعكس الإطار الفكرى والثقافى والاقتصادى والاجتماعى العام للمجتمع اليهودى ، فى حقبة تاريخية معينة ، فى ظل ظروف اجتماعية واقتصادية وفكرية خاصة، وفى زمان ومكان معينين ؛ إذ يقوم الأديب بإلقاء الضوء على كل تلك الجوانب شكلًا ومضمونًا ، حينئذ يظهر مدى اتفاقه أو اختلافه مع كل تلك الجوانب والأُطر ، وتتضح حقيقة طبيعة شخصيته ، التى لم تنفصل قط عن طبيعة مجتمعه من خلال أقواله فى الكتاب. ويصف "كلونيموس" فى كتابه حالة مجتمعه اليهودى من حيث طريقة العيش والتفكير والمعاملات ، والمستوى التعليمى والفكرى والثقافى والاجتماعى والاقتصادى ،مصنفًا أفراد هذا المجتمع لصنوف عدة ، متوغلًا فى الوصف ، حتى أنه كاد يشق عن صدورهم ، وكأنه يعلم خباياهم. كما أنه يطلق فيه العنان لخياله لتصورحياة مابعد الموت ، والخوف الذى يتملكه من هذه الحياة ، وكان للكتاب الفضل فى أن يكشف لنا عن جوهر وطبيعة وصفات الكاتب الحقيقية، كذلك كان الكتاب وثيقة دوَّن فيه أحوال اليهود فى عصره ، أى أنه كان شاهدا على العصر . كما تبرز فيها عدة ملامح تبين مدى معاناته ، وتأثير الواقع عليه ، وآثاره على مشاعره المتأججة.