ظل المخبرون الفرنسيون الذين زاروا قبيلة بني مسارة ومنطقة وزان أو كتبوا عنها إلى حدود توقيع معاهدة الحماية سنة 1912م، يدعون بأن علاقة قبيلة بني مسارة مع المخزن المغربي كانت دائمًا في توتر واصطدام. كما ألصقوا بالقبيلة صورة بلاد "السيبة" التي لا تنضبط، والرافضة دوما لسلطة المخزن مع اعترافها طبعا بسلطته الدينية. إلا أنها كانت ترفض الخضوع لحكمه، كما ترفض أداء أعشارها وضرائبها له، وأن فترات الهدنة واستجابة القبيلة لرغبات المخزن في أداء الضرائب أو البيعة الشرعية، لم تكن سوى ذريعة مؤقتة لكسب الوقت وتجنب غضب المخزن. وهذا أمر غير دقيق ونسبي إلى أبعد الحدود، فمهما بدا من كتابات الفرنسيين التي تدعي أن المخزن قد عانى الأمرين في محاولة إخضاع قبيلة بني مسارة أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، إلا أنه كما سنبين من خلال هذا العرض، أنه كانت للسلطان سلطات خاصة ووظائف مهمة تدفع القبيلة إلى احترامه، ودفع واجباتها الضريبية بكيفية منتظمة له. وعندما تدعو الحاجة الوطنية كانت القبيلة تقدم مساهمتها العسكرية عندما يداهم البلاد خطر ما، أو تلبي بعض رغبات المخزن غير المعلنة والمبطنة كهجومها ونهبها لشرفاء وزان الذين كانت بعض ممارساتهم كالاحتماء بالأجانب تثير غضبه. لقد كانت تجمع بين المخزن وبني مسارة في بعض اللحظات مصلحة مشتركة في ربط علاقات جيدة، خاصة أمام استفحال الحمايات القنصلية في صفوف الشرفاء والميسورين بالمنطقة.
 
الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
إبراهيم بل العافية، "مظاهر "سيبة" قبيلة بني مسارة في منطقة وزان أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين وردود فعل المخزن المغربي على ذلك".- دورية كان التاريخية.- السنة السابعة عشرة- العدد الخامس والستون؛ سبتمبر 2024. ص 162 – 177.