جندت روما إمكاناتها المختلفة بشمال إفريقيا بوجه عام وبإقليم موريطانيا الطنجية بشكل خاص من أجل إخضاع البلاد والعباد، ولم تكن الترسانة القانونية في منأى عن هذه التعبئة العامة، فقد سخرت الوضع القانوني للمدن في سبيل تحقيق ما يعرف بالرومنة القانونية. وليست هذه الرومنة سوى آلية من آليات الرومنة الشاملة، بعبارة أخرى سياسة إجبار الساكنة المحلية – بشكل سلمي وتدريجي ومخطط له- على التخلي عن الإرث الثقافي والحضاري البوني، وتبني هوية رومانية صِرفة، تعكسها الحياة البلدية بكل مقوماتها داخل هذه المدن، مستوطنات وبلديات على حد سواء. واعْتُبِر منح المواطنة للسكان المحليين حجر زاوية هذه السياسة، حيث اعتمدت السلطات الرومانية عدة أساليب وطرق لتمتيع قاطني مختلف مدن موريطانيا الطنجية بما سُمِّي "قانون المدينة". وعُدَّت الرومنة القانونية لبنة أولى وضرورية في سبيل إدماج ساكنة المدن في الحياة البلدية، أو ما يمكن أن نطلق عليه الرومنة البلدية. وهما آليتان متناسقتان متطابقتان ومتلازمتان، بمعنى لا يمكن الوصل إلى الرومنة البلدية الكاملة دون تحقيق الرومنة القانونية.
 
الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
هشام أبوركـ، "الوضعية القانونية لمدن موريطانيا الطنجية: وجه من وجوه سياسة الرومنة".- دورية كان التاريخية.- السنة السابعة عشرة- العدد الخامس والستون؛ سبتمبر 2024. ص 14 – 32.