الاغتيال هو القتل المفاجئ، الذي يكون على غفلة من المقتول. ولكن حدود المفاجأة غير مقيدة، وتكون بدرجات متفاوتة، ولذلك قد تترادف التسميتان. وثمة من يذهب إلى التفريق بينهما بتمييز الاغتيال بأنه قتل ذو غرض سياسي، أو ديني، وهو مقبول. يتناول البحث حالات اغتيال حدثت في تاريخ الشرق القديم، فيتناول مقدماتها وأسبابها، وكيفية تنفيذها، والنتائج التي برزت بعدها. لم يحدث الاغتيال في جنوبي بلاد الرافدين، وكانت بدايته في الشمال؛ في مملكة ماري خلال القرن الثامن عشر ق.م، ثم توقف زمنًا، حتى حدث مراتٍ خلال القرن الرابع عشر ضمن القصر الملكي في العاصمة الميتانية وَشّوكاني، ثم في مملكة آشور في مطلع القرن الثاني عشر، وفي القرن السابع ق.م. وكثرت المؤامرات حول وراثة العرش في المملكة الحثية، واستمرت حتى طالت ثلاثة من ملوك المملكة الحثية القديمة (القرن 17-16 ق.م)، ثم انتهى الوضع بفضل اهتمام الملك تِليبنو (نحو 1525-1500 ق.م) بالأمر، حيث وضع قانونًا خاصًا لتنظيم وراثة العرش، تم التقيد به في العهود التالية. وحدث الاغتيال في بلاد لاقي (وادي الخابور السفلي) ومدينة آمد (ديار بكر) عاصمة بيت زَمّاني الآراميتين اللتين لم تكونا تتمتعان بالاستقرار السياسي، ويسود فيهما النفوذ الآشوري. تبين بنتيجة البحث أن حالات الاغتيال المعدودة التي حدثت ضمن الممالك الكثيرة التي نشأت في إطار جغرافي واسع، وزمني مديد، تشير إلى أنها لم تكن ظاهرة شائعة في الشرق القديم. وكان الصراع على السلطة هو السبب الرئيس الغالب لها، وقد نشط خلال فترات معينة، وارتبط باستبداد الحاكم وتفرده بالقرار، وإخفاقه في مراعاة شؤون داخلية ضمن المملكة، بل ضمن إطار الأسرة الحاكمة نفسها. وقد كانت نتائج الاغتيال قاسية، يكون الحكام ضحيتها، ولكنها تنال الأفراد المذنبين وتؤثر في أوضاع الشعب أيضًا.
 
الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
فاروق إسماعيل، "اغتيال الحكّام في الشرق القديم".- دورية كان التاريخية.- السنة السابعة عشرة- العدد الرابع والستون؛ يونيو 2024. ص14 – 25.