ينبع اختيار قبائل زيان كموضوع لهذا البحث من اهتمامنا بالتاريخ الاجتماعي المعاصر وبخاصة بعض القضايا المهملة في متونه، وكذا اهتمامنا ببعض الفئات الاجتماعية المهمشة في كتب التاريخ. وعلاوة على ما سبق، جاء اختيار هذا الموضوع في إطار استمرار اهتمامي بمجال وقبيلة زيان، وهو موضوع سبق الاشتغال عليه في سلك الماستر الأمر الذي يسر إمكانية الاطلاع على بعض وثائق الأرشيف الدبلوماسي المرتبط بالفترة الكولونيالية. مثلت هذه المرحلة باعثًا كبيرًا على تجميع المزيد من وثائق الأرشيفات الأجنبية وتعميق البحث في هذا الموضوع، ومقابلتها بما تزخر به الربائد الدفينة في الخزانات الوطنية ومراكز الأرشيف بالمغرب والخارج. فرضت طبيعة البحث كموضوع تتعدد أبعاده الممتدة في الزمان والمكان، ما يمكن تسميته بالتعددية المنهجية. فقد تم الاعتماد على المنهجين الاستنباطي والاستقرائي في التقاط الإشارات المتناثرة وتركيبها لسد الثغرات والبياضات التي يحبل بها الموضوع، وفي الانتقال من الشمولي إلى المحلي أو العكس في الكثير من محاوره. كما اضطرنا موضوع القبيلة، إلى استخدام المنهج التاريخي بهدف تيسير عملية البحث والتفسير لمجموعة من الظواهر الثقافية والاجتماعية والاقتصادية واستخدام المنهج المقارن انطلاقا من إبراز أوجه التماثل والاختلاف، سواء بين القبيلة من جهة والنسيج القبلي المجاور من جهة ثانية، أو بين مكونات القبيلة نفسها.