شهد القرن التاسع عشر أحداث عالمية استفادت منها البلدان الأوروبية التي سلكت سياسة توسعية استهدفت بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط وتحديدًا بعد انعقاد مؤتمر فيانا سنة 1815، وبدأت مع حملة اللورد إكسموث في 1816م وانتهت بفرض معاهدة الحماية الفرنسية على البلاد التونسية في 1881. تخللت هذه الفترة جملة من المعاهدات غير المتكافئة أهمّها الموقّعة في 1824م وخاصةً معاهدة 8 أوت 1830 القاضية بتحرير المبادلات التجارية وفتح الإيالة أمام الغزو الرأسمالي والتجاري الأوروبي، وهي فترة خسرت خلالها البلاد التونسية أهم مواردها المالية المتأتية من القرصنة ووقوع البلاد في أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية ومالية ولّدت الرغبة في الإصلاح والتطور. وقد حاولنا في هذا المقال تناول موضوع الإصلاحات التحديثية بالبلاد التونسية وعلاقتها بالإصلاحات الجبائية التي بدأت منذ ثلاثينيات القرن التاسع عشر، ولعلّ الإصلاح الواسع الذي شمل الضرائب الموظفة على التجارة الداخلية (ضريبة المحصولات) سنة 1840م أهم مثال لهذه الإصلاحات والتحويرات التي أسست لإرساء نظام جبائي ارتكز على مجموعة من الأداءات القارة والمحددة ومهّد للإصلاحات الجبائية والإدارية والدستورية بداية من سنة 1860م التي تطلبت موارد مالية فاقت الإمكانيات الحقيقية للمجابين وأثرت على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالإيالة، وهو ما أدى إلى تواتر الحركات الاحتجاجية ضد السياسة المالية للسلطة المركزية وأهمها انتفاضة 1864م والتي مثلت شكلاً من أشكال الممانعة والعصيان ضد السياسة الجبائية للدولة.
 
الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
أحلام براهمـــي، "السياسة الجبائية وانعكاساتها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد التونسية خلال ستينيات القرن التاسع عشر: ضريبة المحصولات نموذجًا".- دورية كان التاريخية.- السنة السادسة عشرة- العدد الثاني والستون؛ ديسمبر 2023. ص 216 – 229.