شكلت ثورة الجيلالي الزرهوني الملقب بـ "بوحمارة" (1902 - 1909) على المخزن المغربي في بداية القرن العشرين حدثا بارزا وفصلًا تاريخيا هامًا في تاريخ المغرب، أرخى بظلاله على جميع الأطراف الفاعلة في المغرب آنذاك، فالسلطة المركزية التي وجدت نفسها أمام ثورة منظمة وقوية كبدتها خسائر عسكرية ومادية فادحة، مما زاد من شعبية بوحمارة وزاد من رغبة الناس في الانضمام إليه. قاد بوحمارة حركة التمرد، مستغلاً استياء القبائل من الضرائب المفرطة والقمع المخزني. وقد ساهمت حركته هاته في إضعاف سلطة السلطان والتعجيل بسقوط البلاد في قبضة الاحتلال الأجنبي للبلاد. أما القبائل خاصة تلك المعروفة بضعف انضباطها لسلطة الدولة "قبائل السيبة" كقبائل جبالة ومن أهمها قبيلة بني مسارة التي وجدت نفسها في موقف حرج جدا من مجريات الوقائع والأحداث، فمن جهة السلطان الذي كانت لا تطيع أوامره وترفض الخضوع لضغطه الضريبي ولسلطته الزمنية بطرد أو قتل قواده، لكنها بالمقابل كانت تعترف بشرعيته الدينية وتدعو له على المنابر والمناسبات الدينية، ومن جهة أخرى الثائر "بوحمارة" الذي بنى مشروعية حركته على محاربة طغيان المخزن وتخليص القبائل من ضغطه وتهاونه في محاربة الضغوط الأجنبية...لكن القبيلة لم تجب على رسائله، ولم ترحب به لما حل بترابها، بل على العكس من ذلك ساهمت في القضاء على حركته وتسليمه إلى السلطان، وهذه حقيقة تاريخية مهمة تكشف بصدق وتفند الادعاءات خاصة الأجنبية على أن قبيلة بني مسارة لم تكن تنضبط لقرارات المخزن، وتعارض باستمرار تواجده العسكري عندما كان يتدخل لتهدئة المنطقة، إن عدم خوض بني مسارة في ثورة "بوحمارة" لدليل قاطع على عدم ميل المساريين إلى الانشقاق ذلك أن "بوحمارة" دعي لا يمثل الشرعية، وأن سلطة السلطان شرعية لا يمكن البتة الخروج عليها، ولهذا مالت القبيلة إلى جانب المخزن" الشرعية"، وساهمت في القبض على بوحمارة وتسليمه له لما حل الثائر بترابها.
 
الاستشهاد المرجعي بالمقال:
إبراهيم بل العافية، "دور قبيلة بني مسارة في القضاء على تمرد الجيلالي الزرهوني بوحمارة".- دورية كان التاريخية.- السنة السادسة عشرة- العدد الواحد والستون؛ سبتمبر 2023. ص 166 – 174.