هذا البحث مكرس للتعريف بدور مؤسسة الوقف، وبإنجازاتها العلمية، خاصة المتعلقة بالعلوم الإدارية والمالية والاقتصادية، وفي العلوم الأخرى: كالتربية والتعليم، وإدارة المشافي (البيمارستانات) وتدريس الطب، وإدارة المصادر التراثية والعمارة والحفاظ المادي واللامادي، والرعاية الاجتماعية بكل أشكالها وصورها، التي تأسست وتشكلت واكتمل تكوينها في هذه المؤسسة. والبحث يهدف إلى تفعيل مؤسسة الوقف والتنويه بدورها في الماضي في محاولة لتوظيفه واستثماره في الحاضر، للإسهام في إعادة بناء الشخصية العربية الإسلامية، وتعريفها بإنجازاتها العلمية والإنسانية؛ وتفعليها وتوظيفها في ممارساتنا الإدارية، وإنتاجنا التربوي، والمعماري، والعلمي، والثقافي. كما أن هذا البحث يسعى لاستنهاض وعينا المستلب، واستعادة شخصيتنا الحضارية المغيبة، لنتخلص من تبعيتنا للغرب. ولتحقيق ذلك ركز البحث على دراسة الوثائق الوقفية، والتنويه بالنشاطات والعلوم التي دونتها هذه الوثائق، وبين أسس ومبادئ، وعناصر، ومباحث هذه العلوم، كما بين أساليب وطرائق تطبيقها وممارستها. ولما كانت وثائق الوقف تحوي البناء النظري والممارسة العملية لما تضمنته من العلوم التي بيناها. مما يعني أن العلوم التي أفرزتها وثائق الوقف تشكلت بوعي وقصد، أي بالتفكر والتأمل، وليس نتاج التجربة والخطأ، أو التطبيقات العملية لما هو سائد في المجتمع من تبادل تجاري، وأساليب تعامل، ووسائل علاج، وهذا يمثل قمة الإبداع. الأمر الذي يقتضي تصنيفها كمنظومات علمية وتوظيفها في المناهج الدراسية في المدارس والجامعات العربية والإسلامية كإسهام عربي إسلامي، وليس كمستوردات علمية غربية. وهذا يعزز بناء الشخصية الحضارية العربية الإسلامية لطلابنا ولمجتمعاتنا؛ ويجعلنا مشاركين للغرب في إنتاج المعرفة وليس مستوردين لها.
 
الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
بديع العابد،"العلوم في مؤسسة الوقف".- دورية كان التاريخية.- السنة الخامسة عشرة- العدد السادس والخمسون؛ يونيو 2022. ص 71– 86.