تعد اللغة ظاهرة أساسية تعين الإنسان على تجسيد أفكاره وبلورتها وصياغتها وتداولها؛ فهي تنقل ثقافته، وتحفظ خبراته، وتسجل تاريخه؛ فالفكر يكمل اللغة، واللغة تكمل الفكر.
والكتابة أحد فنون اللغة العربية التي تعد وسيلة لحفظ المعرفة الإنسانية، وهناك معارف شتى يعود إليها المعلمون، والدارسون، ومحبو العلـم، والمعرفة. وذكر مدكور (2010) أن الكتابة مهارات عقلية أو شعورية تتصل بتكوين الأفكار عن موضوع أو قضية ما، ومهارة عقلية يدوية تتصل بوضع الأفكار على الصفحة البيضاء وفق قواعد معينة للسلامة والتنظيم والوضوح والجمال، وهذا ما نسميه نحن الآن بالتعبير التحريري، لذلك تعد الكتابة من أهم مهارات التواصل اللغوي، وهي من أعقد المهارات اللغوية؛ لأنها تتطلب قدرات أكثر مما تتطلبه أي مهارة أخرى فتستلزم وضوح الفكرة مع بسطاتها، وحسن اختيار الكلمات والعبارات، مع مراعاة الدقة اللغوية وقواعد التنظيم والبناء اللغوي. (مصطفى، 2008)
وتعد الكتابة الأكاديمية العنصر الأساسي في مرحلة الدراسات العليا حيث تؤدي دورًا مهمًا في تشكيل الهوية العلمية لطالب الدراسات العليا ومسار حياته المهنية، فهي الوسيلة الأساسية التي يتم من خلالها توصيل الأفكار ونتائج الدراسات والبحث والرؤى النظرية ضمن المجتمع الأكاديمي، وتعتبر من المتطلبات الضرورية لطلاب الدراسات العليا، والباحثين في مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث العلمي؛ نظرًا لتأثيرها الكبير والمباشر على جودة المادة الأكاديمية المكتوبة، فإنها تؤثر أيضًا على مدى قبولها وتقييمها وفق معايير النشر الأكاديمي.
كما تعكس القدرة على الكتابة الأكاديمية العلمية بوضوح ودقة وتحليل مدى عمق فهم الطالب ومهاراته في التفكير الناقد، بالإضافة إلى نقل المعرفة، تسهم الكتابة الأكاديمية في تعزيز النمو الفكري، حيث تتطلب من الباحث التعامل مع الأدبيات الموجودة، وتحديد الفجوات البحثية بأنواعها، والتعبير عن وجهات نظر متفردة وحديثة، كما تعزز الكفاءة في الكتابة الأكاديمية قدرة الطالب على النشر في المجلات العلمية المحكمة وذات التأثير العالي، والتقديم في المؤتمرات، والمشاركة في النقاشات العلمية، وجميعها ممارسات وفعاليات بالغة الأهمية لبناء قدرات الطالب الأكاديمية والمهنية الناجحة (الفقيه ودخيخ، 2020).