تعد مرحلة الشيخوخة من المراحل التي تشهد سلسلة كبيرة من التغيرات الجسمية، والانفعالية، والاجتماعية، والعقلية، والمعرفية، التي تجعل الأفراد يتصفون بمجموعة من الخصائص والسمات التي من الممكن أن تؤثر في عملية تكيفهم مع البيئة المحيطة بهم، وهذا يستلزم التغلب على ما قد يطرأ من مشكلات قد تعوق عملية التكيف المنشودة.
وتتنوع المشكلات التي تواجه المسنين في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي انعكست على الأسرة، فهناك المشكلات الاقتصادية والمشكلات النفسية ومشكلات شغل وقت الفراغ ومشكلات العلاقات الاجتماعية والمشكلات الصحية حيث أن عدم إشباع حاجات المسنين يؤدي بهم إلى الوقوع في الأزمات الصحية والمشكلات النفسية. (القرشي، 2014، 149)
ويعد العنف الذي يمارس ضد المسنين -سواء داخل الأسرة أو داخل مؤسسات رعاية المسنين أو غيرها -نوعًا من هذه المشكلات الناجمة عن صعوبة تكيف المسن مع الأشخاص القائمين على خدمته، مما يؤدي إلى تعرض المسن لبعض أشكال وأنماط العنف.
ويمثل العنف الأسري ظاهرة اجتماعية تعاني منها معظم المجتمعات المتقدمة والنامية على حد سواء، وهو يعد نتاجًا لخلل في عمليات التنشئة الاجتماعية في النظام الأسري، كما يعد أحد الآثار الحتمية لطبيعة الحياة العصرية، وما اعتراها من تغيرات وتحولات في كافة المجالات. وهو يشكل خطورة على الفرد والأسرة والمجتمع، فبالإضافة لإعاقته للأسرة عن أداء وظائفها التربوية والاجتماعية، فإنه يساعد على إفراز أنماط من السلوك والعلاقات غير السوية داخل الأسرة، هذا بالإضافة إلى تصدير الأسرة -التي تعاني من العنف الأسري -للمجتمع أشخاصًا يتسمون بالعنف والاضطرابات السلوكية وانخفاض مستوى السواء النفسي. (الفقي، 2019، 439)
وما من شك أن ظاهرة العنف الأسري من بين الظواهر الخطيرة التي تهدد كيان المجتمعات الإنسانية المختلفة، ودخول ظاهرة العنف إلى الأسرة معناه وجود خلل في أداء الأسرة لقيامها بوظائفها وواجباتها، فأصبح العنف الأسري يشكل خطرا على سلامة المجتمع والأسرة لما له من نتائج ومضاعفات سلبية على سلامة الأسرة وتماسكها كنسق اجتماعي، وعلى التنشئة الاجتماعية غير السوية فيها وعلى أفرادها في شتى المجالات الذهنية، والعاطفية، والجسدية والسلوكية، وتعطيل عملية التطور والنمو السليم لأبنائها. وهذه الأسرة تساهم بحصول أبنائها على سلوكيات اجتماعية وأخلاقية غير سوية وبالتالي تهديد الاستقرار الأسري والاجتماعي وتنمية أنماط من السلوك تتسم بالانحراف والعدائية والقيام بسلوكيات تتمثل في الانحراف وإتيان الضرر على الآخرين، من أشخاص وممتلكات وفي نفس الوقت قد تؤدي إلى عدم التكيف الاجتماعي لدى الشخص نفسه. (وتد وبدير، 2015، 282)