ابتداء من خمسينيات القرن العشرين، أخذت قضية تعليم اللغة العربية في الصين تتطور في قطاع التعليم العالي. وأصبحت مقررات الأدب العربي إحدى الركيزتين لتخصّص اللغة العربية في أوائل الثمانينيات. ولكن منذ أواخر القرن العشرين، أقبلت أقسام اللغة العربية وآدابها بالجامعات الصينية على توسيع تدريسها إلى النواحي التطبيقية والنفعية، فتقلصت نسبة مقررات الأدب العربي في البرامج التربوية.
طرحت وزارة التعليم الصينية عام 2018 مبادرة لدفع بناء "الفنون الليبرالية الجديدة". كما دعت إلى تعزيز التداخل والتكامل بين مختلف التخصصات، وإنشاء نماذج جديدة لتربية الأكفاء المطلوبين في القرن الحادي والعشرين. فيمكن القول إن عصر بناء "الفنون الليبرالية الجديدة" قد منح أهمية مجددة لتدريس الأدب الذي يعدّ فرعا مهما من العلوم الإنسانية للطلبة الجامعيين، وذلك بفضل غريزة الأدب المنفتحة على حوله من العالم الخارجي، الأمر الذي يؤهله للمساهمة في تنمية مهارات المتعلمين من مختلف النواحي.
في هذا السياق، يسلّط المقال الحالي الضوء على الواقع، ويحلل التحديات والفرص لتطوير قضية تدريس الأدب العربي في مرحلة الليسانس بالجامعات الصينية، وذلك بعد المقارنة بين البرامج التربوية لتخصص اللغة العربية في بعض الجامعات الصينية وإجراء استطلاع آراء طلابها. ثم يقدم تصورا مقترحا لتحسين تدريس الأدب العربي من خلال تطبيق منهج "التعلم القائم على حل المشكلات"، انطلاقا من مفهوم النظرية البنائية، للتوصل إلى مواكبة حاجة بناء "الفنون الليبرالية الجديدة " التي طرحتها وزارة التعليم الصينية في السنوات الأخيرة.