يهدف هذا البحث إلى دراسة أثر البنى الصوتية والصرفية في توجيه دلالة الفاصلة القرآنية في سورة الإسراء؛ إذ تؤدي فواصل القرآن الكريم دورًا كبيرًا في تشكيل الصورة الجمالية للآيات معنًى ودلالةً؛ فالناظر في فواصل القرآن الكريم يدرك أنها تسهم في إضفاء روح الانسجام على السورة، وتحقق الترابط بين آيات القرآن الكريم؛ وهو ما نجده في سورة الإسراء؛ إذ تشعر أن للسورة إيقاعًا موسيقيًّا خاصًّا.

إنَّ الفاصلة القرآنية تأتي لأداء وظيفتين أساسيّتين في الوقت نفسه: إحداهما: معنويّة يحتمها السياق، هي وظيفة إكمال معنى الآية أو الجملة القرآنية، ومتى انتظم المعنى حسُن بذلك الكلامُ، والآخرى: لفظيّة تتصل بجمال الإيقاع؛ إذ إنَّ الوقع الإيقاعي الناتج عن ترتيب الفواصل القرآنية هو مطلبٌ في حدّ ذاته، ولذلك لا يمكن أن نقول إن الفاصلة جاءت لتتفق مع رؤوس الآيات الأخرى فقط دون الانتباه للغرض المعنوي. وقد ظهر هذا الانسجام بين الوظيفتين المعنويّة واللفظيّة جليًّا في الفواصل سورة الإسراء من خلال تكرار أصوات ومقاطع صوتيّة وبنى صرفيّة محددة لأداء معانٍ مقصودة؛ لذا كان لازمًا علينا دراسة تلك البنى الصوتية والصرفية لما بينهما من ترابط وتكامل.

اقتضت طبيعة الدراسة الاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي؛ الذي يعتمد على وصف الظاهرة محل الدراسة وتحليل أنماطها المختلفة تحليلًا صوتيًّا ومقطعيًّا وصرفيًّا، للوقوف على أهم سماتها الصوتية والصرفية والدلالية، كما اتكأ البحث على المنهج الإحصائي الذي مكَّنه من استقصاء الظاهرة من جوانبها المختلفة، وقد اقتضت منهجية البحث أن يتكون من مقدمة، وتمهيد، وثلاثة مباحث، وخاتمة تتوج أهم ما خلص البحث إليه.