تحاول هذه الورقة تعميق الفهم حول مفهوم "توازن القوى" كونه أحد المفاهيم المحورية في العلاقات الدولية، خاصة المدرسة الواقعية، كما أنه مفتاح لفهم أنماط السلوك في البيئة الدولية التي تتسم بالفوضى. وتناقش الورقة قدرات دول الخليج العربي وسلوكها الخارجي من أجل حماية أمنها من التهديدات الداخلية أو الخارجية، من خلال سعيها إلى تحقيق (توازن قوى إقليمي)، إذا تستند الورقة إلى تقسيم منطقة الخليج العربي إلى دول مجلس التعاون الخليجي من جهة وإيران من جهة آخري، كونهم شركاء في النسق الخليجي الإقليمي، حيث تتبع هذه الدراسة قدرة قوى المنطقة على تحقيق توازن القوى فيما بينها، والحاجة الدائمة إلى وجود لاعب خارجي يقوم بدور الموازن.
وبالتالي تتفرع الورقة إلى مسارين، أحدهما نظري يبحث في تعدد أوجه دراسة توازن القوي في النسق الإقليمي وارتباط ذلك بالأمن والاستقرار، أما المسار الآخر فيبحث توزيع القوة في منطقة الخليج، ومدي قدرة دول الخليج العربية على تحقيق التوازن مقابل إيران، وحاجة دول مجلس التعاون الخليجي لحماية أمنها واستقرارها بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية.
وتصل الورقة إلى نتيجة مفادها أن الخليج العربي يقع ضمن دائرة صراع القوي الكبرى منذ وقت طويل، حتى قبل إكشاف النفط، وأن مستقبل الاستقرار في منطقة الخليج لا يتطلب الانتقال من الصراع إلى التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي وكل من العراق وإيران فقط، بل يتطلب أيضا التحول من التعاون إلى التكامل. أما فيما يتعلق بأسباب اختلال توازن القوى الإقليمي في الخليج، فقد عملت جميع دول المنطقة إلى زيادة قدراتها، وخاصة العسكرية، من أجل تحقيقي التوازن، إلا أن هناك خللاً بنيوياً في توزيع القوة بين دول الخليج، وتغير في الأوزان النسبية لدوله، لكن في جميع الحالات كان الخليج يحتاج إلى الموازن الخارجي -الولايات المتحدة- الذي يهيمن على التوازن العسكري في الخليج، ويلعب الدور المحوري في التوازن الإقليمي.