تهدف هذه الورقة إلى التحقق من مدى تأثير السياسة الخارجية للولايات المتحدة على السلوك الخارجي لدولة قطر كمثال واضح للعلاقة بين الدول الكبرى والدول الصغيرة بهدف التنبؤ بالمسارات المستقبلية لهذا التأثير بناء على استعراض وتحليل أدوات ومحددات السياسة الخارجية لكلا الدولتين.

 وللتحقق من هذا التأثير استخدمت الدراسة منهج الاختيار العقلاني (الرشيد) الذي يرتكز على قاعدة هامة مفادها أن صانعي القرار يعتبرون عقلانيين وهادفين في أفعالهم، وبالتالي، سيكون سلوك الدولة هو الآخر عقلانياً تجاه الدول أو الأحداث الأخرى. كما اعتمدت الدراسة على تحليل السياسة الخارجية FPA)) باعتبارها أداة لتوضيح كيفية استجابة الدول للتهديدات الخارجية وفقا للعوامل الداخلية ووفقاً لتأثير للدول الكبيرة الأكثر نفوذاً في النظام الدولي.
توصلت الدراسة إلى أن السياسات الخارجية للإدارات الأمريكية المتعاقبة تجاه دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام، وقطر بشكل خاص، ثابتة على الرغم من اختلاف آليات تنفيذها، كما أن العلاقة الوثيقة بين قطر والولايات المتحدة لم تمنع قطر من تطوير سياستها الخارجية الخاصة، التي تتسم بالنشاط والاستقلالية، وتوفير مكاسب اقتصادية وسياسية، إلى جانب تحقيق الأمن. أيضًا أكدت النتائج أن قطر لا تزال حليفاً مهما للولايات المتحدة، بسبب احتياطاتها من الغاز، كونها مصدراً لإمدادات الطاقة الأمريكية وقاعدة عسكرية استراتيجية للعمليات، وموقعاً هامًا لتنفيذ للسياسة الخارجية الأمريكية.
يتمثل الإسهام العلمي الرئيس لهذه الدراسة في التأكيد على التأثير المباشر للسياسة الخارجية الأمريكية على السياسة الخارجية القطرية من منظور العلاقات الدولية. يضاف إلى ذلك، مخالفة النظرية الواقعية التي تجادل بأن الدول الصغيرة تشارك بشكل أقل في القضايا الدولية، ولديها سياسة خارجية محدودة بسبب قدراتها المحدودة، مقارنة بالقوى العظمى.