ثمة جُملة من المشاهدات ترجح أننا إزاء حالة من "الديناميكية المفرطة" حظت بها منطقة "شرق المتوسط"، صاحبها تغير ملحوظ في هياكل القوة بتلك المنطقة، فبعد أن ظل للقاهرة دور تقليدي في حوض المتوسط، اختلفت موازين القوى لصالح قوى إقليمية أخرى عربية وغير عربية، مما أوجد تداعيات ذات تأثير واضح على تفاعلات النظام الإقليمي من جهة، وبين القاهرة واليونان وقبرص وأنقرة وإسرائيل عدد من الدول الأخرى من جهة أخرى في إطار ما يُعرف بـ "المجال الحيوي".
وانطلاقاً من نظرية "المجال الحيوي"، فثمة ما يؤسس لفرضية "الفوضى الأمنية" بالمنطقة، يُستدل عليها بتصاعد نمط "عسكرة التفاعلات" بالتوازي مع التهديدات التركية لعدد من الفواعل بشرق المتوسط وفقا لعدد من الملفات النوعية، تتسارع معها الدول لتفعيل خطواتها في ترسيم سياستها الدفاعية سواء عبر سياسات مباشرة، أو غير مباشرة. مقابل التغير في السياسيات الخارجية التركية وسعيها نحو إعادة التموضع الأحادي بالمنطقة استناداً لملفي "السيادة" و"الطاقة".