تعد دراسة الخزف الإسلامي من بين الشواهد المادية المهمة في الدراسات الآثارية للمنتجات التطبيقية الإسلامية، ويعتبر الخزف أحد أهم الفنون التي عرفها المسلمون، وعلى الرغم من أنَّ الخزف كصناعة وكفنّ عرف منذ فترة مبكرة قبل الحضارة الإسلامية، إلا أن المسلمين قد ساهموا بشكل كبير في تطويره على عدّة مستويات منها تقنيات الصناعة والأشكال والطرز والزخرفة والألوان مستخدمين في ذلك تركيبات كيميائية اعتبرت خلال العصور الوسطى من إنجازات الحضارة الإسلامية ومن أهم الاكتشافات التي تفردوا بها في عصرهم ولفترات زمنية طويلة أخرى، ولذلك اعتبرت الحضارة الإسلامية إلى جانب حضارة الشرق الأقصى من أكثر حضارات العالم اهتمامَا بفن الخزف.
ويهدف هذا البحث إلى دراسة بعض اللّقى الخزفية التي عثر عليها خلال أعمال التنقيب الأثري بموقع المنارة بمنطقة جازان بالمملكة العربية السعودية، سواء تلك التي صنعت محليًا أو المستوردة، وتكتسب الدراسة أهمية خاصة لأنها تسهم في إظهار الخصائص التقنية والفنية لهذه اللقى الخزفية اعتمادًا على خاماتها وأشكالها وألوانها وزخارفها، وتأريخها وتأريخ مثيلاتها التي سوف يعثر عليها في المستقبل، كما تركز الدراسة فيما أظهرته منطقة جازان من مكانة خاصة ساهمت بشكل مباشر في استخدام وتقليد وإنتاج بعض الطرز الخزفية التي اشتهرت بإنتاجها بعض المراكز الصناعية الكبرى، ومدى انتشارها في منطقة جازان وتأثرها تقنياً وفنيا بمحيطها الجغرافي سواء القريب أو البعيد، وهذا ما سيأتي ذكره خلال البحث.