تتمثل مشكلة البحث في تحديد أي من أهم مقاييس المساواة في توزيع الدخل أقرب إلى منطق النظرية الاقتصادية ومنطق العدالة الاقتصادية والاجتماعية، وأي منها يحدد مصادر عدم المساواة في توزيع الدخل وأي منها يعجز عن ذلك. فهل توفر هذه المقاييس قراءة موضوعية لمسألة توزيع الدخل؟، وما هي حدود الثقة في هذه المقاييس؟ وهل من بدائل موضوعية لمقاييس المساواة في توزيع الدخل؟ وقد اعتمد الباحثان المنهج الاستنباطي والتحليلي في تناول الأساس النظري لأهم هذه المقاييس، كما اعتمدا على المنهج الاستقرائي في تطبيق أبرز تلك المقاييس على توزيع الدخل والانفاق في مصر اعتماداً على بيانات مسح الدخل والإنفاق الذي يوفره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وقد توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج من أهمها أن تعريف التفاوت في توزيع الدخل انطلاقاً من مفهوم المساواة التامة، أو انطلاقا من التوزيع الشخصي للدخل فقط، إنما يستبعد العدالة بمفهومها الموضوعي. فالناس وفقاً للدراسات الميدانية والمعملية يفضلون التوزيع العادل (الخوف من عدم العدالة) عن التوزيع المتساوي (. أي أن قياس التفاوت في توزيع الدخل يجب أن يكون في مقابل درجة العدالة في توزيع الدخل كما يرتضيها المجتمع وليس في مقابل المساواة التامة ، وأن قياس التفاوت أو عدم العدالة في توزيع الدخل يجب أن يستند إلى النظرية الاقتصادية، استناداً يربط ما بين نظرية التوزيع وذلك من أجل قياس مدى العدالة في التوزيع الأولى للدخل بين المشاركين في العملية الإنتاجية (حيث يجب أن يحصل كل عنصر من عناصر الإنتاج عند التوازن على عائد يساوي ناتجه الحدي) ، ونظرية العدالة التوزيعية وذلك لقياس مدي العدالة في توزيع التحويلات بين أفراد المجتمع (حيث يخضع ذلك لتفضيلات وخيارات المجتمع تعظيماً للرفاهية الكلية) ، وأن معامل ثيل ومعامل أتكنسون ومعامل جيني الموسع هي أكثر أدوات قياس التفاوت في توزيع الدخل واقعية، حيث تأخذ الخيارات الاجتماعية لمفهوم عدالة التوزيع في الاعتبار (مثل معامل الخوف من عدم المساواة – مفهوم الدخل المكافئ للتوزيع العادل ،.... )، فهي ليست مجرد مقاييس إحصائية بل تستند إلى بعض أسس نظرية الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية ، وإن كانت لا تأخذ في الاعتبار بعد مدى عدالة التوزيع الوظيفي أو الأولي للدخل . وتوصي الدراسة بـتبني مفهوم التوزيع العادل للدخل بدلا من التوزيع المتساوي، واستخدام معامل ثيل ومعامل أتكنسون عند القيام ببحث الدخل والانفاق والاستهلاك الذي يقوم به الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لقياس التفاوت في توزيع الدخل، حيث انهما من أكثر أدوات قياس التفاوت في توزيع الدخل واقعية.