ينطوي قطاع إنتاج الأغذية الزراعية على العديد من الآثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية، لكونه يمثل أحد المصادر الرئيسية لتوليد النفايات، والمساهم الأكبر في إهدار الموارد الطبيعية، وفي توليد الانبعاثات، مما يؤثر على استدامة الأغذية الزراعية.
ومن هنا ظهرت الحاجة لضرورة التحول من المنهج الاقتصادي السائد الذي يعتمد على الأخذ والإنتاج والاستهلاك ثم التخلص إلى الاقتصاد الدائري كنموذج عالمي جديد، يرمي إلى الوصول إلى صفر فاقد، والذي ظهر نتيجة لندرة الموارد وزيادة الاستهلاك والتلوث البيئي.
ونظراً للخصائص الفريدة لسلسلة التوريد الغذائية الزراعية، مثل القابلية للتلف نتيجة لقصر فترة صلاحية منتجاتها، والتمايز العالي بين المنتجات، ومتطلبات السلامة، وغيرها مما يؤدي إلى فقدان وإهدار ثلث إنتاجها والتي تشكل تحديات أمام تطبيق مدخل الاقتصاد الدائري فإنها لم تحظ بنفس القدر من الاهتمام من قبل أصحاب المصلحة عند اعتماد البدائل الدائرية.
وبناء عليه، ترى الباحثة أن تلك القضية ما زالت بحاجة الى البحث والدراسة، وبالتالي طرحت مشكلة البحث تساؤل حول إمكانية الاعتماد على استراتيجيات الاقتصاد الدائري كمدخل للتعامل مع مشكلة فاقد الغذاء خلال مراحل سلسلة توريد الأغذية الزراعية، ومن ثم تخفيض التكاليف في منشآت تصنيع المنتجات الغذائية. ولقد اعتمد البحث على أسلوب دراسة الحالة لتطبيق استراتيجيات الاقتصاد الدائري، وذلك على إحدى المنشآت المنتجة لمعجون الطماطم داخل جمهورية مصر العربية.
ولقد تم التوصل إلى عدد من النتائج، أهمها أن تطبيق استراتيجيات الاقتصاد الدائري من إعادة التدوير، وإعادة الاستخدام، واسترداد الأغذية الصالحة للاستخدام، وإعادة معالجة الأغذية غير الصالحة بإرجاعها للتربة مرة أخرى، وغيرها من الاستراتيجيات يساهم في منع الفاقد في إنتاج الغذاء، ويعزز من سلامته ويسمح بالتنوع البيولوجي، ويساهم في استدامة الأمن الغذائي.