تعد فئة الأطفال بصفة عامة أکثر الفئات السکانية تأثرًا بمستويات الرعاية الصحية المُقدمة، وحالة البيئة المحيطة بهم، وبجودة الحياة المجتمعية عامًة؛ لذا فإن خطر الوفاة أعلى ستة أضعاف للأطفال المولودين في البلدان النامية مقارنة بنظيرهم من البلدان المتقدمة. وفي مصر لا تزال الولادة المبکرة تعد مشکلة صحية، إذ تأتي مصر في المرتبة 144 من إجمالي 162 دولة وفقًا للوفيات المبکرة؛ إذ تسهم الولادات المبتسرة في 20% من وفيات الأطفال دون الخامسة، وفي وفاة 39% من الأطفال حديثي الولادة.
ونظرًا لطبيعة تلک الشريحة العمرية، وحساسيتها الشديدة لنمط الخدمة المنوط بها حمايتهم؛ سعت الدراسة نحو تقييم کفاءة الرعاية الصحية الحرجة بالعناية المرکزة لحديثي الولادة The Neonatal Intensive Care Unit، وخدمات الطوارئ الطبية Emergency Medical Services المخصص لتلک الشريحة بمحافظة المنوفية.
ولقد کشفت الدراسة عن وجود عجز کبير في توافر حضانات الأطفال المبتسرين في القطاع الطبي الحکومي؛ الأمر الذي أسهم في نشاط القطاع الخاص بتکلفة الباهظة في تقديم تلک الخدمة، فأکثر من ثلاثة أرباع (78.3%) عدد الحضانات، وما يزيد علي ثلثي (65.5%) عدد الأسرة بها بمحافظة المنوفية عام 2019م، تنتمي لهذا القطاع، کما کشفت الدراسة عن وجود قصور شديد فيما يتعلق بخدمات الإسعاف الطبي المجهز خصوصًا لنقل الأطفال المبتسرين، إذ لا يتوافر سوى أربع سيارات بالمحافظة.
ومن ناحية أخرى، فقدت المحافظة العدالة التوزيعية في توزيع الخدمتين؛ الأمر الذي أسهم في اتساع فجوة التباينات المکانية الخدمية بين القطاع الريفي والحضري بالمحافظة من جانب، وظهور نطاقات جغرافية ذات تغطية خدمية متدنية، بل في کثير من الأحيان محرومة من الخدمتين من جانب آخر.
ويتألف البحث من خمسة مباحث رئيسة، تناول المبحث الأول: الأبعاد الديموجرافية والصحية للأطفال المبتسرين بالمحافظة، وناقش المبحث الثاني: التوزيع الجغرافي لخدمات الرعاية الحرجة والطارئة للأطفال المبتسرين بالمحافظة، أما المبحث الثالث: فقد قدم تحليًلا للتفاوت المکاني في توزيع لخدمات الرعاية الحرجة والطارئة، وأُفرد المبحث الرابع: لإظهار مؤشرات الکفاءة الخدمية لخدمات الرعاية الصحية للأطفال المبتسرين، واختُتمت الدراسة بالمبحث الخامس: الذي عرض لآلية تقويم المنظومة الصحية للأطفال المبتسرين بالمحافظة بين الوضع الراهن والاحتياجات المستقبلية.